Al Jazirah NewsPaper Friday  13/11/2009 G Issue 13560
الجمعة 25 ذو القعدة 1430   العدد  13560
أشاد بدور الأئمة وخطط وزارة الشؤون الإسلامية في الارتقاء بالخطاب الدعوي
أمير منطقة القصيم: الخطباء يعرفون دورهم بشكل محدد ويلتزمون بالضوابط والمحددات الشرعية

 

بريدة - خاص بـ (الجزيرة) :

يعد منبر الجمعة أعظم وسائل مخاطبة المجتمع المسلم على اختلاف أعمار أفراده، وثقافاتهم، ومستواهم العلمي والفكري، بل إن منبر الجمعة الذي يشهده المسلمون نهاية كل أسبوع ويستمعون إليه مباشرة دون أي وسيط من العوامل المؤثرة في المجتمع المسلم من خلال ما يتناوله الخطيب في خطبتي الجمعة التي يفترض أن تكون مناقشة لواقع الناس، وحياتهم اليومية، ومعبرة عن مشكلاتهم، وهمومهم.

وفي هذا السياق، أكد صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز آل سعود أمير منطقة القصيم على الدور المهم الذي يؤديه خطباء الجوامع، وقال: إننا في منطقة القصيم نحظى بخطباء على مستوى عالٍ جداً من التخصص والإدراك وجودة التوجيه وحسن الطرح، فنحن نخرج في كل يوم جمعة في جوامعنا بحصيلة مباركة من العطاءات الجيدة، ومن الرؤى المفيدة خدمة لديننا ولوطننا، ولجمع الصف، وتوحيد الكلمة هذا هو المبدأ المهم في عصرنا، وفي كل عصر.

واستطرد سموه قائلاً: وإن كان هناك بعض الخطباء من لم يع دوره بالضبط وبشكل واضح بماذا يقوم وماذا يؤدي فإن الدورات التي تنفذ لهم من قبل الوزارة، ومنها دورة (فقه الانتماء والمواطنة) التي نظمها معهد الأئمة والخطباء بالتعاون والتنسيق مع فرع الوزارة بمنطقة القصيم في مدينة بريدة، سوف تجعل منه لبنة صالحة في بناء هذا المجتمع.

وقال سموه: نحن نعي جميعاً دور وزارة الشؤون الإسلامية ونتعايش مع نشاطاتها في كل يوم وفي كل مساء، ففي هذه المنطقة جهود فرع الوزارة واضحة وجلية، فهي بكل يوم تأتي بتقرير واضح عن مناشط تقوم في يوم الغد وفي الشهر القادم نحن نعيش مع لجنة استشارية تدرس بشكل جيد وبتمعن الموضوعات والعناوين، والأطروحات والرؤى للمحاضرات وللدروس بشكل واضح وسليم.

وواصل سموه قائلاً: الخطيب مكّن من هذا الموقع فهو يصعد درجات المنبر في كل جمعة ومن حوله في هذا المسجد يصغون إليه لا يتحرك منهم أحد ولا يتكلم منهم أحد، فهذه ميزة أعطي إياها فليقدرها حق قدرها لأن الجميع أتى ليستفيد وأتى ليستمع وأتى ليتعظ فليكن طرحه مناسباً ومتوافقاً مع مستويات الحضور وألا يكون طرحة مخصصاً لفئة معينة والبقية لا يعون ما يقول، فهذا أمر مهم يجب أن نعيه جميعاً وأن نلمسه بشكل واضح في جميع الخطب - بإذن الله - هم بهذا المجال أوجدت لهم الدولة هذا الموقع وهذا المكان وكذلك الداعية في أموره وفي نشاطاته مكّن لجهاز الدولة أن يقوم بهذا الدور وضعت له الدولة وزارة مستقلة أوجدت له نظاما محددا يسيروا من خلاله فيجب أن يقدر هذا النظام، وأن تقدر هذه التعليمات، وأن يأخذها مأخذ الجد لأنها - بإذن الله - سوف توصله في طرحه، وتوصل من يستفيد منه إلى بر الأمان بحول الله وقوته، في نفس الوقت هناك بعض الرؤى التي قد تحدث أو طرح يحدث لا يلقي له الخطيب أو الداعية اهتماماً قد يكون ارتجالاً، وقد يكون انفعالا، هذا لا نريده في مساجدنا ولا في قاعات محاضراتنا وندواتنا ودروسنا، نحن نعيش في دولة نظام وهذا النظام سنَّ ليجعل من هذا المتلقي أداة خير فاعلة في مجتمعنا فلنكن - بإذن الله - جميعاً بهذا الأسلوب وبهذه النظرة الثاقبة تجاه مجتمعنا وتجاه دولتنا.

وعن انطباعات المسؤولين والخطباء بمنطقة القصيم، عن الرؤى التي طرحها سمو أمير المنطقة في كلمته.. التقت (الجزيرة) مع عدد منهم، فأكدوا على أهمية دور الداعية، وخطة الوزارة في إعداد الدعاة، وثمنوا دور سمو أمير منطقة القصيم في دعم الخطباء والدعاة.. وأكدوا على أهمية ما تحدث به سموه عن دور خطباء الجوامع، والأثر العظيم لمنبر الجمعة في توعية الناس بأمور دينهم، ودنياهم.

المواطنة الصالحة

فبداية قال المدير العام لفرع الوزارة بمنطقة القصيم المكلف الشيخ سليمان بن علي الضالع: إن كلمة صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر كانت ضافية أوضح فيها سموه الكريم أهمية المواطنة الصالحة، وما يجب أن يتمتع به الخطيب من طرح بناء، وأسلوب يرتقي إلى الشعور بالوطنية، والانتماء الحقيقي الصادق لهذه البلاد المباركة.. مشيراً إلى أن من يخالف هذا التوجيه فإنه لا مكان له في قاعاتنا، أو منابر الجمع، أو أي وسيلة إعلامية، لأننا - كما قال سموه - في دولة نظام قبل أن تكون دولة نفط.

وأضاف قائلاً: إن مثل هذه الكلمات التي شدد فيها سموه الكريم على أصالة هذا الشعور الوطني، وأن حب الوطن، والانتماء إليه يجب ألا يكون نشيداً يردد، أو حديثاً في المجالس، أو محاضرة يتم إلقاؤها فقط، بل يجب أن يكون تجسيداً عملياً بالمحافظة على أمن الوطن، وعلى نظامه، وأن يكون لولاة أمره طاعة مطلقة، مضيفاً أن ما أوضحه سموه الكريم في حديثه القيم، لجدير بأن يكون لكل كلمة أو سطر منها تعليق وتوثيق، فسموه كان في كلمته واضحاً، واختار لغة الشفافية، مبتعداً عن الرموز، أو الإيحاءات لكون سموه يدرك أهمية هذا الجانب، ويعلم مدى تأثير الدعاة والخطباء وأئمة المساجد في المجتمع، وما يقع عليهم من مسؤولية في إصلاح عقول الناشئة والشباب.

وعبّر فضيلته عن شكره لسموه الأمير فيصل بن بندر هذا الطرح في التوجيه والتوعية، وقال: إن سموه لامس القلوب بصدقه وصراحته ،ولامس النفوس بتأثيره، مذكراً بالدور الذي قامت به الوزارة في مكافحة الإرهاب، وما قامت به من جهود مباركة في تصحيح الفكر المنحرف، سواءً عبر الإعلام المقروء، أو الكتاب المطبوع، أو في إقامة المعارض التعريفية والتوعوية، وتأصيل فقه الانتماء والمواطنة من خلال الدورات التأصيلية، كما أن للندوات واللقاءات دوراً مهماً في محاربة الغلو والتطرف، والذي أولته الوزارة كل العناية والاهتمام.

دورات لمواجهة الفكر الضال

من جهته، وصف إمام وخطيب جامع عبدالله بن عمر في الرس د.حمود بن غزاي الحربي الدورات التي تقيمها وزارة الشؤون الإسلامية للدعاة والأئمة والخطباء، بأنها الحل الأمثل في مواجهة الفكر الضال، وستؤتي ثمارها - بإذن الله تعالى - عاجلاً وآجلاً، وقال: إن دورة (فقه الانتماء والمواطنة) شهدت تفاعلاً رائعاً، وهي خطوة في هذه الإستراتيجية، فقد وضعت النقاط على الحروف في موضوع مهم نحن بحاجة إليه، وهي خطوة رائعة تذكر وتشكر للفرع الذي عودنا حضوره الدائم في مثل هذه الفعاليات الناجحة.

ورأى أن أحد عناوين النجاح لهذه الدورة هو تشريف سمو أمير المنطقة لحفلها الختامي وكلمته الرائعة التي استمع لها المشاركون بكل تقدير واحترام، والتي اتسمت بالشفافية والمصارحة، وكرّست العلاقة بين الدولة والدعوة عندما قال سموه: (إننا دولة دعوة)، وهي أقوى رسالة للدعاة والأئمة والخطباء في أن يتحملوا مسؤوليتهم في الكلمة والخطبة والفتيا، عندما يقفوا أمام الناس فلا يقولوا على الله غير الحق، ويدفعوا بالتي هي أحسن، ويقولوا للناس حسناً.

دولة الدعوة

وفي ذات الشأن، قال إمام جامع الرواف بحي الربوة ببريدة د. صالح بن عبدالعزيز التويجري: لقد تضمنت كلمة صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر في ثناياها طمأنة سموه الحضور على المستوى الرائد الذي يحظى به خطباء المنطقة من عمق الطرح، ومراعاة أحوال ومستوى الحضور، وهي ثناء ومسؤولية في الوقت نفسه حين يكون الطرح والمعالجة عبر قواعد تأصيلية بعيدة عن التجاذبات والانفعال، في ظل أنظمة واضحة، وأدوار متبادلة متكاملة من الجهات، فطالما تلقى الخطباء توجيهات تعنى بالمرور، والنظافة، والعادات الحميدة، والمخالفات العقدية كالسحر والشعوذة، والموقف من الانحرافات الفكرية المتطرفة، والسلوكيات المفرطة، كل ذلك شعور بأهمية المنبر، ودور الخطيب.

وأكد فضيلته أن هذا الانسجام بين القطاعات الحكومية، والأنشطة الاجتماعية، يحقق وحدة الرسالة والهدف، ويختصر المشوار في الوصول، لئلا تأخذ بنا شطحات الأهواء ذات اليمين أو الشمال، ولعل من فرائد فوائد كلمة سموه قوله: (إننا دولة دعوة قبل أن نكون دولة نفط)، وهذا تكريس لمفهوم الدولة ذات الأصول الجذرية العميقة في فلسفة معناها ومبناها، وحين يحظى فرع الوزارة بمنطقة القصيم بهذا الشرف، فإنه مدعو إلى المزيد من السعي لتحقيق تلك المقاصد الشرعية، وتصحيح المفاهيم المغلوطة، ودحض الشبهات النفاثة من خلال ما يقدمه من توعية وتوجيه ونصح، عبر منابره المتعددة، ووسائله المتاحة المباحة.

البعد عن الارتجال

أما إمام وخطيب جامع قرطبة ببريدة د. سليمان بن حمد العودة فقال: لقد شدني في كلمة سموه عدد من المسائل منها، تأكيد سمو الأمير على (أن يضطلع الخطباء والدعاة بأدوارهم التي مكنوا منها، ويبتعدوا عن الارتجال والانفعال في أطروحاتهم)، وقال: ما من شك أن الدعوة مسؤولية، والمنبر مسؤولية، وتزداد عظمة هذه المسؤوليات في زمن تختلط فيه المفاهيم، وتتلاطم فيه أمواج الفتن، ويكثر القيل والقال، ويحتاج الناس إلى هدي الكتاب والسنّة، ففيهما الشفاء والنور، والهدى والبصائر.. وإن (الارتجال) سواء حمل الخطيب الورقة أم لم يحملها، والعفوية التي تدعو إلى إطلاق الكلام على عواهنه، لا مكان لها في زمن العلم والوعي، وتنوع المصادر المعرفية، والدعاة والخطباء خير من يقدر هذه المسؤولية، حتى إذا جاءت الخطبة كانت مركزة ومؤثرة، وإذا كانت المحاضرة كانت مؤصلة وبناءة.

وأضاف قائلاً: وكم هي شهادة يعتز بها خطباء منطقة القصيم، حين قال سمو أمير المنطقة - وهو بهم خبير -: (إن المنطقة تحظى والحمد لله بخطباء على مستوى عالٍ من التخصص والإدراك وجودة التوجيه وحسن الطرح)، لافتاً النظر إلى أن ثناء سموه على الفرع، وتزكيته للخطباء في المنطقة، ينبغي أن يحملها الفرع بكل اقتدار، وينبغي على الخطباء أن يثمنوها، ويكونوا عند حسن ظن المسؤولين بهم، مهيباً فضيلته بالخطباء أن يتقوا الله في أنفسهم، وفي الجمهور الذي يستمع إليهم، فيختاروا (موضوع) الخطبة بعناية، ثم يجتهدوا في تحديد عناصره، وجمع مادته العلمية، كما يحسنوا في اختيار العبارات، وطريقة أداء الخطبة، وفن إلقائها، فتلك كلها عناصر مهمة للخطبة والخطيب.

وواصل القول: إذا كان الخطيب الناجح هو الذي يحمل (همَّ) الخطبة على مدار الأسبوع، فيتحسس حاجيات المجتمع، ويقرأ همومه، ويجتهد في توجيهه من التصدع والافتراق، ويرشد إلى المخارج الآمنة، والأدوية النافعة، وطرق السعادة في الدنيا والآخرة، فيعاب على الخطيب إن هو (استمرأ) القص واللصق، وعمد في كل جمعة إلى المواقع الإلكترونية المختلفة، فأخذ منها ما قد لا يتناسب مع جماعة مسجده، أو لا يناسب طرحه بشكل عام.

وأردف د. سليمان العودة يقول: نحن مجتمع دعوة، ودولة دعوة، وأمة دعوة، شعارنا {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، وعلى الدعاة عامة، والخطباء خاصة، أن يقدروا أن (منبر الجمعة) وسيلة فاعلة في الدعوة، يستمع إليهم طبقات المجتمع كلها، ويلزمون بالصمت حتى نهاية الخطبة، وربما فُعِّلت الخطبة أكثر فتجاوزت محيط الحاضرين عبر شريط مسجل، أو مقال مكتوب، أو في كتاب مطبوع، وكل هذا يضاعف من دور الخطيب، ومسؤوليته في نشر الخير، والتحذير من الشر.

وفي نهاية حديثه، اقترح د. العودة تنظيم ملتقى فصلي أو سنوي لعموم خطباء المنطقة أو بعضهم، وذلك لمزيد تدارس الخطبة، وعناصر تأثيرها، والخطيب ونزيد تأهيله، وإنشاء موقع إلكتروني لخطباء وأئمة المنطقة يكون وسيلة تواصل بين الفرع ومنسوبيه من جهة، ويكون من جهة أخرى مستودعاً للخطب المميزة، والموضوعات المهمة، والتنبيهات المهمة.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد