Al Jazirah NewsPaper Friday  13/11/2009 G Issue 13560
الجمعة 25 ذو القعدة 1430   العدد  13560
بدلاً من المطويات والكتب والنشرات التي ألفت منذ سنوات طويلة
كتاب واحد شامل يجمع مناسك الحج والعمرة.. بجميع اللغات

 

الرياض - (الجزيرة) :

توزع آلاف، بل ملايين من وسائل توعية الحجاج المقروءة والمسموعة ومنها المطويات والكتيبات على حجاج بيت الله الحرام، لتعريفهم بمناسك الحج.. ولكن ما يلحظ أن بعض الكتيبات والأشرطة الموزعة - إن لم تكن معظمها - ألفت منذ سنوات طويلة، وهناك مستجدات تواجه الحاج الآن لم تتناولها تلك المطبوعات، كيف يمكن إعداد كتاب شامل يكون في متناول كل حاج بمختلف اللغات يتناول مناسك الحج، ويغني عن حمل الكثير من تلك المطبوعات؟

زمام المبادرة

في البداية يقول د. عبد اللطيف بن إبراهيم الحسين - أستاذ الثقافة الإسلامية المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية: الحج ركن أساسي من أركان الإسلام وروحه الأصلية هي التقوى كسائر العبادات الأخرى.. فيقدّم هناك دليلا على عبوديته الكاملة لله تعالى، بمختلف الأعمال والشعائر.

والحج هو الخروج في سبيل الله تعالى.. ببذل الوقت والمال لأداء شعائر الله سبحانه التي ترتبط بها ذكريات عباد الله الصالحين. ولذا نجد أن كل شعائر الحج إظهار عملي لنشاط الإنسان من أجل الله تعالى وفي سبيله.

هذا ومما يجدر العناية في مقام الخطاب الدعوي والتأليف العلمي للأمور المتعلقة بالحج والعمرة أن يراعى التجديد في العرض والتشويق في البيان ولا سيما في مخاطبة الجموع العامة الكبيرة وهم فئات متنوعة في العلم والفهم والفكر، وعقولهم درجات متصاعدة فينبغي مناسبة مقادير أفهام الناس: المتعلم والعامي، وكذلك في اللغات والأجناس، ومن هنا تتأكد العناية بالتثقيف العام والخطاب الميسر في عرض المسائل العامة في الدِّين، ومن ذلك: أحكام الحج والعمرة، وعدم الدخول في المسائل المشكلة والعويصة، فلها حالاتها النازلة التي يُستفتى فيها العلماء والمشايخ.

ومن هنا ينبغي أن تشكل لجان عامة يشترك فيها العلماء والمربون والإعلاميون وغيرهم ممن يعنون بالتأليف والكتابة في مسائل الحج والعمرة في صياغة جديدة لمسائل العلم ونحوه في ثوب قشيب وحلة جذابة تتناسب مع متغيرات العصر، وتوظف الإمكانات والتقنية المتقدمة.. قال سبحانه: {ادْعُ إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}.

وأقترح دعوة عامة بضرورة العناية بتعليم الحجاج والمعتمرين ما يجهلون وما يسألون عنه بالكتابات الميسرة، التي تحوي صوراً وأحداثاً متعلقة بأداء المناسك وفق الخطاب الفاعل في الوعي الجمعي العام، وكذلك ترجمات ميسرة بلغات عديدة مع الصور والأحداث المهمة حتى يتسنى إيصال الفهم بالأحكام الشرعية بيسر وتؤدة لعموم المسلمين، ومراعاة التيسير في الأحكام الشرعية الصحيحة من الكتاب والسنة وإجماع الأمة، فالتيسير رحمة بالأمة وليس كل يتقنه وكما قيل (كنا نعد الرخصة من الدين، وأما التشديد فكل يتقنه).

وأخلص بأن واجبنا اليوم أن نسعى إلى تفعيل أثر الحج في استعادة زمام المبادرة للمشاركة الفعالة في وحدة الأمة الإسلامية، وأن نجعل من الحج عبادة ونقاء نعود منه كيوم ولدتنا أمهاتنا كما كان متحققاً في سلف الأمة، وأن نستفيد منه بعد ذلك في مسيرة حياتنا روحياً وسلوكيا وثقافياً واجتماعياً.

الوسائل الحديثة

ويشير د. مزهر بن محمد القرني - رئيس محاكم منطقة الباحة، أن الله فرض الحج في قوله تعالى: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ استطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}، فتقاطر الناس من كل مصر، وفي كل عصر، مجيبين دعوة أبيهم إبراهيم - عليه السلام - عندما أمره الله بالنداء بالحج إلى بيته الحرام بقوله :{وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم}، فقال يا رب : كيف أبلغهم وصوتي لن ينفذهم؟ فقال : ناد وعلينا البلاغ، فقام على جبل أبي قبيس فقال : أيها الناس إن ربكم قد اتخذ بيتاً فحجوه، فيقال: إن الجبال تواضعت حتى وصل الصوت أقطار الأرض، وأجابه من في الأصلاب والأرحام (لبيك اللهم لبيك).

فلا غرابة أن يدلف لنا البر، والبحر، والجو هذه الجموع الغفيرة التي جاءت لتلبية النداء، وأداء الفرض من داخل البلاد وخارجها، إلا أن بعض هذه الوفود لا يؤدي الفريضة على الوجه المشروع، الذي ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: (خذوا عني مناسككم)، وقد حفظ عنه أصحابه - رضي الله عنهم - أفعال الحج، وأعمال المناسك، وتواتر عنه نقلها بالطرق الصحيحة، ولما كثر الجهل بأحكام الحج، وجاء بعض الحجيج يحملون عقائد التبرك بالأشجار، والأحجار، والمقامات، والمواقع الأثرية، ويجهدون أنفسهم بصعود الجبال، واللهث بالبحث عن المواقع الأثرية، التي لا صلة لها بأعمال الحج، ولا تغني عن أركانه، وواجباته، وسننه، كان لزاماً على القائمين بحراسة العقيدة في هذه البلاد من حكام وعلماء ومحكومين، أن يعملوا جاهدين على تبصير الناس عموماً، والحجيج خصوصاً، بأمور دينهم، وشعائر عباداتهم، حتى تؤدى الفريضة على الطريقة المشروعة الواردة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، متخذين عدة طرق لتوعية الحجاج والمعتمرين، ومنها: استقبالهم في أماكن قدومهم براً وبحراً وجواً بتوزيع الكتب والنشرات والمطويات والأشرطة الصوتية لعلماء ثقات، يتكلمون عن أصول العقيدة، وأحكام العبادات، وأركان الحج وواجباته وسننه، والطريقة المثلى التي تمكن الحاج من أداء فريضته بلا مزاحمة، ولا بدع، ولا خرافات، ولا إفراط ولا تفريط، وهذا أمر محمود، وسعي مشكور، وجهد مأثور، يسجل للقائمين على توعية الحجيج في وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، ولغيرهم من القطاعات الحكومية الأخرى المشاركة في توعية الحجاج كل عام.

ولكن المتتبع لهذه الكتيبات، والنشرات، والمطويات، وأشرطة الكاسيت، وغيرها من الوسائل يجدها على نمط واحد لا جديد فيها، ولا تجديد، لأن مادتها وطريقة عرضها مكررة، منذ أن بدأت هذه الجهود مما يجعل المتلقي لها لا يلتفت كثيراً لما تحتوي عليه هذه الكتب، والنشرات، والمطويات، مع أننا في زمن التجديد والتحديث والإبداع لكسب المشاهد والقارئ والسامع، حتى وصل الأمر بالمزاحمة إلى خطفه بوسائل الإغراءات المتعددة، وأساليب الجذب المتنوعة، ولكي يبقى لهذه الكتب والمطويات والنشرات والأشرطة أثرها في المتلقي والزبون - إن صح التعبير - يجب أن نحدث أساليب الدعوة والتبليغ، وأن نبدع في الطرق الدعوية، لتوصيل الكلمة الهادفة، والمحاضرة القيمة، والنصيحة المقبولة، والخطبة الجامعة، ولا يتأتى ذلك إلا بما يلي:

1 - الاستعانة بالأفراد الذين أثروا الساحة بالتدريب، والبحث، والتأليف، وأبدعوا في مجالات تطوير الذات وتجديد أساليب الخطاب الإسلامي، وإدارة الوقت، والإبداع الإداري للمساهمة في تطوير هذه المطويات، والنشرات، والتسجيلات الصوتية.

2 - الاستعانة ببيوت الخبرة المتخصصة بعمل الدراسات الهادفة في مجلاتنا الدعوية، وتقديم المشورة الصادقة المفيدة.

3 - الاستعانة بمراكز البحث العلمي بالجامعات السعودية لتطوير العمل الدعوي، وتحديث أساليبه، وتجديد خطابه، وطريقة تبليغه، كمعهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج بجامعة أم القرى، ومركز البحث العلمي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وجامعة الملك سعود، وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وغيرها من المراكز بالداخل والخارج، وتمويل هذا المشروع من الأموال الموقوفة على الدعوة والدعاة بعد الحصول على الفتوى بالصرف منها، فإن لم يكن فبحث التجار والموسرين على تمويل هذه الدراسات، ولن يعدم العمل الخيري محتسباً صادقاً راغباً في وعد الله سبحانه حيث قال: {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ}، وقال تعالى: {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا}، ورغبة في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)، لأن الاقتصار على الجهود الذاتية، والاجتهادات الفردية، يؤخر الركب، ويضيع الوقت، ويبعثر الجهد، فينصرف المتلقي لمتابعة من يشغل وقته، ويشبع رغبته، ويملأ فراغه، ولو بما لا يفيد، ويكون الوزر على من فرط، وضيع الفرصة على الأمة، بالمشاركة بالجهود المثمرة، لانتشال جهال الأمة، وضلالها من أوحال الجهل ومستنقعات الضلالة.

كتاب سماحة الشيخ ابن باز

ويبين د. مانع بن محمد المانع - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة بالرياض: أنه منذ سنوات طويلة يوزع كتب ورسائل على الحجاج وقد أديت مناسك الحج لأول مرة عام 1403هـ، وكنت آنذاك أعمل في رئاسة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقد حصلت - ولله الحمد - على مجموعة كبيرة وزعت علينا وأكثرها من مطبوعات رابطة العالم الإسلامي وكان من ضمنها هذا الكتاب (التحقيق والإيضاح لسماحة العلامة ابن باز رحمه الله) وهو أحب كتبه إليه وقد طبع أكثر من سبعين طبعة من عهد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن - رحمه الله - إلى يومنا هذا ولقد لقي قبول عن الأمة هذا الكتاب المبارك الذي يدل على صحة نية الشيخ عبد العزيز بن باز رفع الله منزلته ونور ضريحه وطبعت وزارة الشؤون الإسلامية مشكورة كتاب مرتب باليوم والصورة لقي قبول أيضاً، وفي نظري لو جمع كتاب شامل مرتب فيه جميع ما يتعلق بالحج وأحكامه وأركانه وواجباته ومخطوطاته وسننه والأخطاء التي تقع فيها والتنبيهات المهمة سواء لحجاج الداخل أو حجاج الخارج وتُرجم لكل لغة ووزع قبل الحج منذ أن يستلم الحاج تصريح الحج سواء من السفارة في الخارج أو من الأحوال المدنية هنا واعتنى بطباعته وإخراجه لكان أولى من تعدد الكتيبات والرسائل التي قد تشتت على الحاج تفكيره واقترح أن يشمل هذا الكتاب المقترح جميع أمور الحج من سفره إلى عودته وأيام وأعمال الحج والتنبيه والتحذير من الأخطاء التي تتكرر كل عام، ويضم إليها حديث جابر بن عبد الله الذي رواه مسلم الذي نص على حجة الوداع من سفره من ذي الحليفة إلى عودته مرة أخرى إلى المدينة وهو صالح ليكون منسك.

نوازل الحج

ويؤكد د. المانع أن يشمل الكتاب الدعاء وأهميته وغيرها من الاحتياجات كالوقاية الطبية واختيار الحملة المناسبة والرفقة الصالحة والتوبة وأحكامها وأحكام مكة ومشاعرها المقدسة وأحكام السفر وآدابه وأيام الحج بالصورة يوم الثامن ويوم التاسع ويوم العاشر وهكذا. وبصفتي عضو التوعية وسنوات عديدة مضت أجيب عن أسئلة الحجاج عبر الكبائن هناك نوازل وقعت في الحج منها الحملات وما يقدم فيها من شرف وراحة للحجاج وهناك الخيام الصغيرة التي أسهمت في زيادة الافتراش وهناك مستجدات وقعت في الحج، وقد كتبت رسالة علمية في قسم الفقه بكلية الشريعة بالرياض بعنوان (نوازل الحج) كتبها الشيخ الدكتور علي بن ناصر الشلعان أتمنى لو تطبع وتوزع على الدعاة المشاركين في توعية الحجاج، كما ان أكثر الأسئلة التي طرحت علينا تدور حول اللقطة وأحكامها وجماع الزوجة قبل التحلل الأكبر ورمي الجمرات قبل الزوال ومحظورات الإحرام واقترح توزيع استبانه على الدعاة المشاركين في توعية الحجاج السنوات الماضية على المشكلات والمعضلات التي واجهت كل عضو، ولا شك أنهم طلبة علم وفيهم الخير والبركة للمساهمة في نجاح هذا الكتاب المراد طباعته وتعميمه على نطاق واسع. ولا أنسى أن أنوه بالجهود الجبارة التي بذلتها الوزارة في السنوات الماضية في توعية الحجيج وهي حسنة عظيمة من حسنات هذه الدولة المباركة المملكة العربية السعودية بلادنا الغالية المباركة التي خدمت المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها وتولت أمور الحج فأحسنت إدارته وتنظيمه، إن توحيد الجهود وتلافى الأخطاء والتعاون من الجميع مطلب عظيم وهدف نسعى إليه ليكون الحج على هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - القائل: (خذوا عني مناسككم).

إن إخراج كتاب جديد وموحد ومنسق ومرتب ومترجم ومبذول فيها جهد غاية نبيلة وأمنية غالية، وعلى سبيل المثال طباعة المصاحف سابقاً كانت بشكل اجتهادي تطبع في الباكستان وفي مصر وفي سورية وحذف الأخطاء، فلما نُظمت الأمور وطُبع المصحف في مجمع الملك فهد أصبح إخراجه في غاية الدقة والإتقان وحلت المشكلة والأخطاء الطباعية التي كانت تعاني منها الجهات الرسمية والحمد لله على هذا النجاح العظيم الذي حققه المجمع، ولعلنا نصل إلى نتيجة حاسمة ومرتبة في إخراج كتاب للحج واضح يفهمه كل مسلم يجد فيه ما يجيب عن تساؤلاته وما يدور في نفسه ليقوم بالمناسك على الوجه الصحيح كما أراده الله منه بعلم وفقه وليس هذا الهدف بصعب ولا مستحيل.

اقتراح غير عملي

أما د. عصام بن عبد المحسن الحميدان أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن فقال: إن اقتراح البعض بأن يطبع كتاب يشتمل على أحكام الحج بجميع اللغات الحية، فهو اقتراح غير عملي، لأن الكتاب سيكون ضخماً يصعب اقتناؤه، وسيكلف الكثير من المال، إضافة إلى أن الأكثرية لا يحتاجونه لاشتماله على كثير من اللغات التي لا يفهمونها.

والبديل عن ذلك في

ي أحكام الحج أمران

الأول: إصدار (سي دي) خاص بالكمبيوتر، يتضمن أحكام الحج بلغات مختلفة، ويوزع على الحجاج، وهذا ال (سي دي) لا يكلف الكثير من المال، إضافة إلى سهولة حملة والتنقل به، وإمكانية نسخة وإهدائه وإرساله إلى بلاد العالم كلها، ولغاتها المختلفة عن طريق الإنترنت، فتعم به الفائدة.

الثاني: إصدار رسالة خاصة بأحكام الحج المستجدة، وهو ما يعرف بفقه نوازل الحج، مع الاستمرار في توزيع الكتب التي تشمل أحكام الحج الأصلية بعد تحديثها، وتسهيل عباراتها، وإحسان إخراجها، لأن أحكام الحج الأصلية غير المستجدة يحتاج إليها كل حاج، فلابد من توفيرها، ويضم إليها كتيب آخر خاص بالمستجدات، فنكون قد جمعنا بين الحسنتين: حسنة التفقيه بالأحكام الأصلية، والتفقيه بأحكام النوازل.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد