Al Jazirah NewsPaper Friday  13/11/2009 G Issue 13560
الجمعة 25 ذو القعدة 1430   العدد  13560
ساعة من السعادة العائلية
د. سعد بن محمد الفياض

 

(قل ما شئت عن الشهرة وعن اقتحام الأخطار, فإن كل أمجاد العالم وكل حوادثه الخارقة للعادة لا تعادل ساعة واحدة من السعادة العائلية). تأملت هذه المقولة التي قالها بيكنسفيلد مليّاً ووجدتني أبحر في بحر من الخيال لا ساحل له وأجول في فضاء من الفكر لا نهاية له. نخطئ كثيراً إذا تصورنا أن السعادة محصورة في الجلسة مع الأصحاب واللهو مع الخلاّن. أو أن السعادة وراحة البال لن تأتي إلا في الهروب بعيداً عن ضوضاء الأطفال وهموم الأسرة ومتطلبات الأهل المستمرة.

لا أبالغ كثيراً إن قلت بأن من لم يعش روعة الجلوس الهانئ الماتع بين أسرته وأبنائه ويرشف من نهر سعادته التي لا تنقطع أنه لم يذق أي سعادة تذكر في حياته. كم أنت مسكين يا إنسان! تلهث باستمرار في البحث عن السعادة وعن الطرق التي تؤدي إليها عن طريق الاستراحات والمقاهي والأسفار وغيرها وأنت لا تدرك أنها أقرب إليك من سيارتك القابعة جوار بيتك!

نعم إن السعادة الحقيقية هي في الجو الأسري الهادئ. في البيوت التي تملؤها المودة وتغشاها الرحمة؛ فلا صخب ولا صراخ ولا تعد ولا تقصير ولا شقاق ولا نزاع ولا تطاول ولا اعتداء.. لا إساءة فيها إلى قريب أو بعيد، من انتمى لها عرف حدوده والتزم واجباته.. بيوت أعمدتها الحب والوئام.. تتحقق فيها الراحة والطمأنينة بأسمى معانيها لأن أفرادها يجدون عند بعضهم السكون عند القلق، والبشاشة عند الضيق، قد وطّنوا أنفسهم على الحلم عند حدوث المضايقات وغضّوا طرفهم عند رؤية المنغّصات وتغافلوا عن ما يصدر من الهفوات. فالبيت الذي تسوده هذه الصفات من المؤكّد سيكون بيئة صالحة للهدوء والاستقرار ومنطلقاً ممهداً لحسن التربية والتوجيه. وحتماً سترفرف فيه السعادة التي متى ما وُجدت وتأصّلت في بيوتنا ستعم وتنتشر لتشمل مجتمعنا بأكمله. يقول عباس محمود العقاد: (أعطني بيتاً سعيداً وخُذ وطناً سعيداً).



Saad.alfayyadh@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد