Al Jazirah NewsPaper Monday  30/11/2009 G Issue 13577
الأثنين 13 ذو الحجة 1430   العدد  13577
الرئة الثالثة
فواصل مختارة.. من أحاديث سابقة
عبد الرحمن بن محمد السدحان

 

(1)

لا توجد علاقة رحم ولا حسب أو نسب بين الثقافة والوجاهة الاجتماعية، كي يكون أحدهما سبباً والآخر نتيجة، والخلط بينهما عبث سافر، الوجاهة الاجتماعية وحدها لا تمنح صاحبها قدماً ولا (إنشاً) في ساحة الثقافة، لكن الإبداع الثقافي يخلع على صاحبه وجاهة من نوع خاص، وسأضرب لذلك مثالين: فالدكتور طه حسين - رحمه الله - اكتسب كل سمات الوجاهة الاجتماعية والسياسية والثقافية في بلده مصر وخارجها بسبب أدبه الذي اخترق بصيته الآفاق، والأديب العملاق غازي القصيبي، على الرغم من أنه ينتسب إلى أسرة عريقة الجاه، لكنه اكتسب جزءاً من وجاهته الثقافية والاجتماعية بامتياز داخل هذه البلاد وخارجها بسبب ثرائه الإبداعي وأدائه المتفوق نثراً ورواية!

(2)

لا تسألوني اليوم ولا غداً ولا بعد حين عن سر غياب الود بيني وبين مدينة نيويورك.. ولن أتساءل بدوري عن سر حب المحبين لها، لكن يبدو أن حب المدن.. كحب البشر، أمر لا يفرضه الطبع، ولا تروضه العادة، ولا يمليه التقليد، وإنما تسيره عشوائية الصدفة، تولد في لحظة.. فإما مات الحب نطفة، وإلا عاش سعيداً!

(3)

ليتنا معشر البشر، في هذه الأرض وغيرها، نهتم بنظافة قلوبنا من الغل، وأفئدتنا من الغش، وألسنتنا من غوغائية الكلام قدر اهتمامنا بنظافة أجسادنا وملابسنا ومنازلنا وأسواقنا وشوارعنا! كم نحن في حاجة إلى (جرعات) مكثفة من (مطهرات) العقول والضمائر والذمم نستخلصها من ديننا الحنيف و(مثالية) الإنسان القوي القويم، والنماذج المشرقة لآليات التعامل وأدواته وفلسفاته في بعض أوساط المجتمع الإنساني الحديث!

نعم نحن في حاجة إلى أسبوع بل أسابيع.. لتطهير أنفسنا من غيلة الظلم، وظلام الحقد، ومحنة الغيبة والنميمة، وما يقاس على ذلك من آفات تنأى ببعضنا عن بعض، وتوغر صدور بعضنا على بعض، وتقسرنا أحياناً أن نظهر للغير ما لا نبطن، مسيرين أحياناً ب(غُلُوِّ) في طقوس المجاملات والنفاق الاجتماعي، ونكون بذلك كمن يحسبهم المرء جميعاً.. وقلوبهم شتى؟!

(4)

الخطأ في حياتنا (مدرسة) من العبر تفتقر إليها مسيرة البحث عن الصواب، ولذا أتساءل بحرقة:

* متى نصحو من سبات الغفلة، أفراداً وجماعات، فنواجه أخطاءنا ببأس يهزم نزعة (الإسقاط) المريض على الغير في أعماقنا!

متى نصارح أفئدتنا بأخطائنا مستثمرين نتائجها اهتداءً إلى الصواب!

متى يستيقظ في أعماقنا الإحساس بأننا في معظم المواقف مسؤولون عن أخطائنا.. فنواجهها تقويماً وتصويباً كي لا تقع كرة أخرى؟!




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد