Al Jazirah NewsPaper Saturday  05/12/2009 G Issue 13582
السبت 18 ذو الحجة 1430   العدد  13582
أمطار جدة.. تستبطن الغضب!
د. سعد بن عبدالقادر القويعي

 

تعاقب على أمانة مدينة جدة أكثر من خمسة أمناء -في الثلاثين سنة الماضية-، لم يتمكنوا خلالها من حل أكبر مشكلة تواجهها مدينة جدة، عندما يتحول سقوط الأمطار إلى كارثة إنسانية، أزهقت الأرواح، وألحقت الضرر بكثير من الممتلكات، وبنسبة كبيرة من السكان، وكبدت اقتصاد جدة خسائر كبيرة، وكشفت عن أزمة حقيقية تحتاج إلى وضع النقاط على الحروف. كل ذلك، نتيجة ضعف البنية التحتية والخدمات الأساسية للمدينة، وانعدام التخطيط المدروس لها -منذ أكثر من ثلاثة عقود-، والتي كان من المفترض توفيرها للمواطن.

كان يوما غير عادي، حينما هطلت الأمطار لمدة تسع ساعات على مدينة جدة، فغيرت وجهها، وغرقت في مشهد حزين. والصور التي رأيناها تغني عن كل شرح، فلم نر إلا انهيارات، وطرقا سريعة تحولت إلى منظر بشع، أدت إلى شلل شبه تام في بعض الطرقات الرئيسية، بسبب حوادث جماعية أثرت بشكل بالغ في الحركة المرورية. كما رأينا بحيرات طافحة بالصرف الصحي، وتلوثا بيئيا وحفريات في كل مكان.

لا زلت أذكر تصريحا -للمشرف العام على مديرية المياه بمنطقة مكة المكرمة-، نشر في صحيفة (الشرق الأوسط)، في: 4-5-1425هـ، أكد فيه: (أن وضع الصرف الصحي في مدينة جدة يزداد سوءا، وأن الأحياء العشوائية يلزمها أسلوب عمل مختلف، مما استلزم الدفع بتعجيل تنفيذ عدة مشاريع في وقت واحد تتكلف سبعة مليارات ريال). هذه السبعة مليارات ريال، أين ذهبت؟. وهذه الوعود لا تزال حبرا على ورق، يتردد نشره كل عام، وحتى يومنا هذا. فلم نر مشروع الصرف الصحي وتصريف مياه السيول، بل إن الواقع يؤكد: أن الشوارع صممت بشكل غير مدروس، لعدم اشتمالها على شبكات تصريف مياه الأمطار. إضافة إلى قيام أمانة مدينة جدة -قبل ثلاثة عقود- على غلق بحيرة الأربعين، ودفن مجرى السيول المؤدية إلى البحر، مما زاد من مخاوف كبيرة، كحدوث انهيار لبحيرة الصرف الصحي، - وبالتالي - من الممكن أن تداهم مياهها مدينة جدة، وتغرقها في أي لحظة، - وبخاصة - أثناء هطول الأمطار الغزيرة. كذلك، يخشى من تسربها إلى المياه الجوفية، لأن تلك البحيرة تحوي كميات هائلة من مياه الصرف الصحي، وتتسع بشكل يومي لتتفاقم المشكلة معها، بحيث يصعب السيطرة عليها، ويمكن ملاحظة ذلك من ارتفاع منسوب المياه الجوفية، في أحياء الربيع والسامر والمروة القريبة من المطار، ما قد يؤدي إلى انهيارات في التربة والمباني -لا سمح الله-.

أسئلة كثيرة طرحتها على نفسي، وبالتحديد لأولئك الذين عطلوا رؤى -خادم الحرمين الشريفين- التطويرية والإصلاحية، فجذور المأساة تستلزم محاسبة المقصرين، وأمطار جدة تستدعي فتح ملف (الإستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد)، لتفعيل المساءلة، وتنويع مصادر الرقابة، لنعلم أين مكمن الخلل، وسبب المشكلة؟. وأين ذهبت المليارات السبعة التي رصدت لتلك المشاريع؟.



drsasq@gmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد