Al Jazirah NewsPaper Monday  07/12/2009 G Issue 13584
الأثنين 20 ذو الحجة 1430   العدد  13584
(الغطوط) السعودية!
زياد بن عبدالله الدريس

 

(1)

عندما تكون في رحلة على الخطوط السعودية، وتراهم كيف يتلاعبون بك وبخط السير، تبدأ فوراً تُحدِّث نفسك بأنك إذا أصبحت ثرياً فإن أول شيء يجب أن تشتريه هو طائرة خاصة، لكن عندما تهبط بك الرحلة في مطار جدة فإنك تقول لنفسك: لا، لا، عندما أصبح ثرياً سأشتري مطاراً!

(2)

لستُ ممن يجيد كتابة المقالات (الشَكْوَجيّة)، ليس ترفعاً عن ملامسة الهموم اليومية للناس، ولكن.. كلٌّ ميسر لما خُلِق له.

أكتب هذه السطور وأنا الآن على متن طائرة الخطوط السعودية، أو أن الطائرة على متني.. سيّان!

جئنا من باريس إلى الرياض، مثل أي بشر آخرين يسافرون بالطائرة، لكن سوء حظنا جرفنا بالطائرة من الرياض إلى جدة فجأة. الهبوط في مطار جدة يحدُّ من سلاسة قول العبارة المألوفة (مثل أي بشر آخرين يسافرون بالطائرة)!

تطور سيناريو الرحلة هكذا: نأمل من الركاب المواصلين إلى الرياض البقاء في مقاعدهم. ثم بعد نصف ساعة من البقاء في مقاعدنا ونحن على وشك الإقلاع أعلنوا أننا يجب أن ننزل؛ لأن الطائرة سيتم تحويلها إلى رحلة داخلية، وسيستغرق هذا نصف ساعة فقط، ثم بعد خمس ساعات من الانتظار في مطار جدة أقلعت الطائرة ووصلنا الرياض بعد 16 ساعة من أجواء السفر. في رحلة مسافتها الحقيقية لا تستغرق أكثر من ست ساعات!

(3)

أعتذر للقارئ الكريم لأنني اليوم أكتب له واحداً من أسمج مقالات حياتي؛ إذ ما الجديد في كتابة مقال عن سوء خدمات الخطوط السعودية، وكأني (جبت راس غليص)! مع أن (راس غليص) مدفون في مطار جدة منذ سنين طويلة، لكن لم يعثر عليه أحد حتى اليوم، رغم الشكاوى والكتابات المتوالية.. هل تغير شيء؟!

إذاً لماذا تكتب؟.. هذا هو السؤال!

ولماذا تضع الخطوط السعودية عنواناً (وهمياً) لاستقبال الشكاوى والملاحظات؟ هل لاحظ أحد منكم، أعزائي، أي تطوير في خدمات السعودية طوال السنوات الماضية؟

سأقول بدون أي تحامل أو انفعال: إنني من خلال تجربة مكثفة مع الخطوط السعودية، خلال السنوات الأربع الماضية، فإن (السعودية) لم تتوقف عن التطور فقط، بل إنها تسعى بشكل حثيث ومدروس في سبيل (تراجع) مستواها، وخدماتها، بشكل ملموس يدعو إلى العجب.. بدل الإعجاب.

(4)

على متن الطائرة وجدت صحيفة عكاظ (عدد 17-12-1430ه)، وفيها ثلاث مقالات (ترثي) الخطوط السعودية لثلاثة كُتّاب من العيار الثقيل: (بدر كريم: عورات الخطوط السعودية)، (جهير المساعد: الخطوط السعودية ترد)، (أسامة السباعي: الخطوط السعودية إلى متى وإلى أين؟). ثلاث مقالات في صحيفة واحدة في يوم واحد، مليئة بالأحزان والأوجاع التي تذرف الدموع على الحي - الميت، الذي انهمك ب(الغطوط) في سبات عميق ألهاه عن الاستماع للمراثي.

ولأنني لمست القدرة الهائلة لدى موظفي السعودية على إقناع أنفسهم قبل إقناع الآخرين بأعذار متجددة لم تنفد، مثل مجيء موسم الحج هذا العام في شهر ذي الحجة على غير العادة.. ولذا كان الارتباك؟ ولأنني أؤمن دوماً بأنك يجب أن توفر نصحك فقط لمن لديه القابلية للاعتراف بالخطأ، والقابلية للتعديل والتطوير..

ولأنني كنت أنوي إثبات الحالة، كما فعل الزملاء المشيّعون قبلي، بكتابة رقم الرحلة وموعدها، لكنني استحضرت ذلك المشهد الحزين عندما يقف الطبيب أمام ذوي مريض السرطان ليقول لهم: فعلنا كل ما نستطيعه طبياً لإنقاذ الحالة.. ولم يبق أمامنا وأمامكم إلا الدعاء، وأننا يجب أن نقول بالمثل للكُتّاب الأعزاء: كتبتم وكتبتم عن الحالة دون أي تحسن.. ولم يبق أمامكم إلا الدعاء!

فقد قررت الآن التوقُّف عن إكمال هذه المقالة..

(دعاء وابتهال!)




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد