Al Jazirah NewsPaper Sunday  13/12/2009 G Issue 13590
الأحد 26 ذو الحجة 1430   العدد  13590
كيف نحتفل بقدوم سلطان الخير؟

 

تميّزت آخر جمعة من هذا العام الذي تصرمت أيامه بأفراحها وأتراحها، وكانت كارثة جدة الحاضرة في مخيلة الجميع بمآسيها وما فيها من ألم وحزن، أطلت علينا الجمعة الماضية بمناسبة تعني كل من ينتسب لهذا الوطن الغالي على قلوبنا جميعاً، وكل من يقيم على ترابه، ويتنعم بخيراته، ويشرب من مائه، ويتنفس من هوائه، نعم إنها مناسبة قدوم الرجل الثاني في الدولة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز بعد رحلة علاجية حلقت بقلوبنا جميعاً، فلهثت الألسن بالدعاء والقلوب بالأمل وما كان الله ليخيب عباده فرجع إلينا سالماً غانماً معافى، وقد تنوعت مظاهر الاحتفاء بهذه المناسبة من لوحات ترحيبية تزينت بها شوارع الرياض القشيبة، وقصائد تعبر عن مشاعر فياضة، وعبارات ترحيبية من المؤسسات والشركات وجميع المنشآت باختلافها وتنوعها، لكن السؤال الذي يطرح نفسه ويحتاج لإجابة سريعة شافية، هناك شريحة كبيرة من أبناء هذا الوطن لا تملك منبراً لتعبر فيه عن مشاعرها بهذه المناسبة، لذا يبقى أناس كثر بل شريحة كبيرة من الناس لم تتح لها الفرصة ليعبّروا عن مشاعرهم في هذه المناسبة، وقد استوقفتني طفلتي ملاك العسل عندما سألتني: هل سنخرج إلى الشارع نحمل أعلاماً ووروداً ونصفق ترحيباً بالأمير سلطان... وحيث إن التوقيت وظروف الطقس لن تساعدني في تحقيق أمنية طفلتي.. فقلت لها: تعرفين ماذا يريد منا الأمير سلطان؟ إنه يريدك أن تكوني طالبة مجتهدة في دراستك، تحافظين على كتبك وأدواتك، ومرافق المدرسة وزهور الحديقة ونظافة الشارع وأن نحب الوطن ونحافظ عليه... فارتسمت ابتسامة على محيا الطفلة إعجاباً بالفكرة وتقديراً للمناسبة وقالت: ربي يسلم بابا سلطان.. وهنا لدي فكرة كي يتاح للجميع الاحتفاء بقدوم الأمير سلطان حفظه الله ورعاه، نستطيع من خلالها الوفاء لهذا الوطن الغالي وهذا الصرح الكبير الذي لم يفتأ الأمير سلطان عن التشجيع والمشاركة في بنائه والمحافظة عليه، كل في مساحته ودائرة اهتمامه وتأثيره، فالمسؤول في الدولة يشارك بمكافحة الفساد الإداري والبحث عن المواهب والكوادر الوطنية الشابة التي تخدم المجتمع وتنتج بعيداً عن المحسوبية والحظ والنصيب، والمربي والمعلم في مدرسته ومنشأته التعليمية التربوية يستطيع أن يشارك في هذا الاحتفاء بالأمير سلطان من خلال تربية الجيل والعقول على حب هذا الوطن، وتنمية الإحساس بقيمة الانتماء له وتنمية القيم حتى نصنع من خلالها جيلاً لا تعبث به القنوات المأجورة والمنتديات المشبوهة، والأستاذ في جامعته يستطيع أن يحتفي بهذه المناسبة من خلال إتاحة الفرصة لهذه العقول الناخبة في الانطلاق في عالم النجاح والإبداع والبحث عن مظان المعرفة واحترام عقول المتلقي خصوصاً في هذه المرحلة، والشركات والمؤسسات المستثمرة تستطيع أن تشارك في هذه المناسبة من خلال تقديم خدمة نوعية وفاعلة تشارك فيها المجتمع وأفراده وتسطر فيه لها حضور يلتمسه المواطن كصندوق عبداللطيف جميل الخيري للتدريب المنتهي بالتوظيف وغيرها من المشاريع والأفكار الخدمية والاقتصادية، والأم في بيتها تستطيع أن تحتفل بهذه المناسبة من خلال تربية الأطفال والأبناء على حب هذا الوطن والمحافظة على مقدراته ومرافقه من قطف الزهور في الحدائق إلى رمي النفايات في الشوارع وبهذا يشعر الطفل بأنه شريك في الحديقة والشارع والمنشأة والوطن، بهذا وذاك نشارك في صناعة جيل صالح فعال منتج يعتمد عليه الوطن ويكون رصيده الذي لا يفلس وبتروله الذي لا ينضب وعدته في الحاضر والمستقبل، ويستطيع طلاب المدارس والجامعات في الاحتفاء بهذه المناسبة من خلال الجد والاجتهاد والبحث عن العلم والمعرفة وإطلاق المهارات والقدرات كي تحقق الأهداف التي رسمتها اللجان العليا للتعليم في هذا الوطن الغالي، والتي من أبرزها إعداد الفرد الصالح الفعال، نعم تستطيع النخب الفكرية الاحتفاء بهذه المناسبة من خلال الولاء المطلق لهذا الوطن مهما اختلفت التوجهات الفكرية والولاءات المذهبية، ويترجم هذا الولاء من خلال التعايش مع الاختلاف، وقبول بعضنا البعض مهما كانت الفروقات الفكرية أو المذهبية، ولا يكون الوطن مسرح مناكفات وتصفية حسابات لأن النتيجة مهما كانت ولمن كانت الخاسر الأول هو الوطن والمواطن ومقدراتهما، بهذا لو استطعنا أن نفعل ذلك كله نكون أسعدنا سلطان الخير واحتفينا به، وبهذا يكون كل واحد في هذا الوطن الغالي قد عبر عن مشاعره اتجاه هذا الرجل العظيم واتجاه هذه المناسبة العظيمة ونكون حققنا انجازاً يكتب لنا جميعاً على تصرفاتنا وأفكارنا ابتداءً من المحافظة على زهور الحديقة وعدم رمي النفايات في شوارعنا ومروراً باحترام أنظمة المرور، ووقوفاً عند مكافحة الفساد والمفسدين، وإنجاز مصالح المواطنين ولا ننسى تنمية روح الانتماء لهذا الوطن وتربية النفوس على حبه، فالإنسان بلا وطن كالروح بلا جسد، والوطن بدون إنسان كالجسد بلا روح، وبهذه الطريقة نسعد بها الملك وولي العهد وكل إنسان محب لهذا الوطن... فحمداً على السلامة يا سلطان الخير.

هذاب عبدالله الجوبان



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد