Al Jazirah NewsPaper Wednesday  16/12/2009 G Issue 13593
الاربعاء 29 ذو الحجة 1430   العدد  13593
وزارة التجارة ومؤشرات ضبط الأسعار
د. عقيل محمد العقيل

 

إن حماية المستهلك من سطوة المصنّعين والتجار ليحصل على السلع والخدمات الجيدة بأسعار معقولة لا مبالغة خيالية فيها دون الإضرار بمصلحة المصنّعين والتجار مهمة ليست بالهيّنة وتتطلب فكراً ابتكارياً إبداعياً ينطلق من حيث انتهى الآخرون، حيث يقوم بتكييف النماذج العالمية الناجحة بما يتناسب والبيئة السعودية ومعطياتها أولاً ليبتكر فيما بعد طرقاً ووسائل مبتكرة كلياً تصبح نموذجاً يسعى الآخرون لتقليده بمرور الوقت.

في عيد الأضحي المبارك وصلت الأضاحي إلى أكثر من 1500 ريال سعودي رغم وفرة الأغنام وانخفاض تكاليف المواد الأولية لإنتاجها (الشعير المدعوم، الأعلاف الرخيصة) وهو أمر جعلني أتوجه بالسؤال لبعض مربي الماشية في بلادنا لأعرف سر هذه الارتفاعات غير المبررة ولقد أدهشني ما قاله البعض أن السبب الرئيسي لارتفاع الأسعار يعود لانخفاض أسعار الأعلاف وسقوط الأمطار التي تعدنا بربيع يؤدي لانخفاض شديد في تكاليف الإنتاج وهو ما يجعلنا نستطيع أن نحدد السعر الذي نريد ونناور في الوقت دون أي ضغوطات كما هو الوضع حين ترتفع أسعار الأعلاف وتغيب الأمطار، مؤكّدين أن المعروض يغطي المطلوب وأنه لا شح في المعروض بتاتاً.

إذا حكومتنا الرشيدة تدعم الشعير لكي تنخفض تكاليف اللحوم على المستهلك والنتيجة عكسية فما العمل لنحقق الهدف! أعتقد أن وزارة التجارة المعنية بحماية المستهلك ليس لديها أدوات تمكّنها من ذلك سوى مراقبة الأسواق المباشرة وهذه طريقة أثبتت فشلها الذريع لأسباب عديدة، صحيح أن وزارة التجارة أخذت مؤشرات الأسعار من أمانة منطقة الرياض ولكني على ثقة بأن هذا المؤشر لن يجدي نفعاً أيضاً لضعف قوته في ضبط الأسعار، وبالتالي فإن على الوزارة أن تبحث عن أدوات أخرى فاعلة، وكما يقول المثل الأمريكي (فكر بذكاء ولا تعمل بجهد كبير)، وهنا بيت القصيد، نعم كيف لنا أن نجد حلاً ذكياً يضبط الأسعار بأقل جهد وتكلفة.

لن أقول إن لدي الحل السحري ولكنني أعتقد أن المؤشرات تعتبر من أقوى الأدوات التي تضبط الأسعار، ولنا في مؤشر مخزون النفط الأمريكي مثالاً واضحاً كأداة قوية وفاعلة في ضبط أسعار النفط في نطاقات محددة تخدم مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي فإننا بحاجة ماسة أن تقوم وزارة التجارة بإطلاق مؤشرات لكافة السلع الأساسية في البلاد تبين حجم المخزون وحجم الطلب والعرض وربط ذلك بمؤشرات الإنتاج العالمية والاستيراد المحلي من تلك السلع بالشكل الذي يضبط الأسعار في نطاقات معقولة لصالح المنتجين والموردين من جهة والمستهلك من جهة أخرى.

أنا متاكد لو أن وزارة التجارة أطلقت مؤشر السلع الأساسية وأوضحت كل هذه التفاصيل بشكل يومي لجعلت المنتج والمورد والمستهلك والمسؤول على بيّنة بما يمكن الجميع من اتخاذ القرارات الرشيدة، نعم فلو عرفنا على سبيل المثال أن استهلاك الأغنام يومياً على سبيل المثال حوالي 10000 رأس غنم وأن الإنتاج المحلي والاستيراد يوفر 15000 رأس يومياً وأن الثروة الحيوانية المحلية تصل لأكثر من مليوني رأس غنم لكان لذلك أثر كبير في توجيه الأسعار نحو الأسعار المعقولة المتمثّلة بتكلفة الإنتاج مضافاً لها هامش ربح منطقي، أما وأن الصورة ضبابية ستبقى الحالة كما هي عليه ولا سبيل للسيطرة عليها.

****



alakil@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد