Al Jazirah NewsPaper Friday  18/12/2009 G Issue 13595
الجمعة 01 محرم 1431   العدد  13595
تعظيم البلد الحرام: قيم سامية وسلوك مثالي (2)
د. زايد بن عجير الحارثي

 

في المقال السابق تحدثت عن مشروع وطني إسلامي إنساني حضاري وفي الوقت نفسه شعبي وأهلي وتطوعي انطلق من مكة المكرمة بلد إشعاع القيم الحقة والدعوة الوسطية الصادقة، ذلك هو

مشروع تعظيم البلد الحرام ونواصل اليوم الحديث عن هذا المشروع العظيم وابدأها برؤية ورسالة المشروع.

يتطلع مشروع تعظيم البلد الحرام إلى تأصيل معنى التعظيم في قلوب المسلمين والمقيمين في مكة والوافدين إليها لتكون بلداً آمناً ومجتمعاً مثالياً يُحتذى به في الحفاظ على الأرواح والأموال والأعراض، وطريقة التعامل الحسن مع الآخرين والعناية ببيئتهم وتطهيرها وإعمارها. ويسعى مشروع تعظيم البلد الحرام بجمعية مراكز الأحياء بمكة المكرمة إلى تقوية مشاعر تعظيم البلد الحرام لدى أفراد المجتمع المكي وزوار البيت العتيق لتفعيل دور المجتمع في إشاعة التواصل والتراحم والإحسان فيما بينهم حتى ينعم الجميع بالأمن والأمان فيه. ومن ضمن الآليات التي تترجم رؤية ورسالة المشروع انبثق بعض البرامج التي تستطيع تنفيذ سياسات هذا المشروع ومن أهم هذه المشاريع مشروع شباب مكة وهو برنامج قيمي يعنى بتهيئة وإعداد شباب مكة تربوياً ومهنياً ودعمهم ليتبنوا مشاريع ميدانية مختارة لتصبح أنموذجاً حضارياً يخدم أهل مكة والوافدين إليها.

ومن القيم التي يراد تحقيقها من خلال مشروع تعظيم البلد الحرام:

أولاً: قيم السكنى والجوار: قيمة تقديس البلد الحرام: قيمة استشعار النعمة بسكنى البلد الحرام وقيمة زيادة العزيمة لفعل الخير في البلد الحرام وقيمة الحرص على السكن والجوار المقدس وقيمة التعاون لتكون مكة أفضل بيئة في مدلول الطهارة وعمارة الأرض.

ثانياً: قيم التعامل والاستقبال: مثل قيمة القيام بحق جيران بيت الله الحرام وقيمة حسن الاستقبال لوفد بيت الله الحرام وقيمة حسن التعامل مع الوافد لبيت الله الحرام وقيمة الشعور بأنه ممثل لأهل هذه البلاد وأهل الإسلام عند الوافدين إلى مكة وقيمة التعاون لتكون مكة أفضل بيئة معينة على الآداب الفاضلة والسلوك الحسن.

ثالثاً: قيم التربية والتعليم: مثل قيمة التضحية في بذل العلماء والمربين في غرس شعور التعظيم في نفس مجاور البيت الحرام والوافد إليه وقيمة بذل الوقت في تعليم فضائل الحرم والتربية عليه بالقدوة الحسنة والنصح والتقويم وفق الكتاب والسنة وقيمة العزيمة على تميز شخصية المسلم في البلد الحرام من خلال الرقابة الذاتية على الأقوال والأفعال والمعتقدات

ومن أعمال وبرامج في الحرم: التعاون مع هيئة الحرم لتوعية وإرشاد زائري المسجد الحرام وتهيئة الممرات من الكعبة المشرفة وإليها. وتوفير عدد من الشباب يقومون بتطويف وسعي كبار السن أو أصحاب الاحتياجات الخاصة مجاناً بعربات شؤون الحرمين وتوفير بعض احتياجاتهم مثل الشمسية.

وتقديم الإسعافات الأولية: التعاون مع جمعية الهلال الأحمر بالحرم المكي في إسعاف المصابين، وذلك بتوفير (40) شاباً مدرباً لنقل المصابين داخل الحرم. وحق الطريق مثل التعاون مع الأمن الوقائي بشرطة العاصمة المقدسة بتوفير100 شاب من شباب مكة لمساندة الشرطي في منع الافتراش في الطرقات المزدحمة ومنع الظواهر السلبية لئلا تعرقل حركة المارة.

إرشاد التائه: وقد تم توفير عدد محدد من الشباب لإرشاد الحجاج التائهين في المنطقة المركزية بعد تدريبهم على المواقع التي يحتاج إليها الحجاج غالباً مُدَعَمِين بخرائط إرشادية، وذلك بالتعاون مع وزارة الحج والتعاون مع مرور العاصمة المقدسة بتوفير 80 شاباً لتنظيم مواقف كدي بعد تدريبهم على المواقف والعمل الميداني.

وأخيراً لا بد من الإشارة إلى مجلة مكي التي تصدر عن المشروع بآلاف النسخ باللغة العربية وبعدة لغات حية أخرى وبشكل جذاب ومميز وهدفها الرئيسي هو تربية وتعليم النشء على التعظيم والاحترام والتأدب مع البلد الحرام وغير ذلك من المطبوعات التوعوية والإرشادية التي تصب في نفس الهدف الأسمى للتعظيم ولكل الشرائح.

مستقبل مشروع تعظيم البلد الحرام والسلوك المثالي لقد خرج إلى حيز الواقع من مشروع التعظيم وفي زمن وجيز وقياسي العديد من المشاريع التي تترجم حقيقة التعظيم والإجلال للبلد الحرام والتي يتوقع أن تحدث الآثار المرجوة من المشروع والتي سيكون لها المردود الحضاري الإنساني الذي هو في أساسه وروحه إسلامي ولكن يجب التنبيه إلى عدد من الأمور أولها أن هذا المشروع هو دعوة وتعديل وتعليم لقيم وسلوكيات واتجاهات للأفراد والجماعات والمجتمع برمته بل ولكل المسلمين وقد تعودوا وألفوا على سلوكيات وقيم قد لا تتناسب مع المثالي من سلوك وقيم واتجاهات ولمدة طويلة من الزمن ولهذا لا يجب أن نتوقع أن مثل هذا التغيير والتحسين يحتاج إلى وقت ليس بالبسيط، فالرسول صلى الله عليه وسلم قد أخذ نحو ثلاث عشرة سنة في الدعوة والنصح حتى نجح في الدعوة وهو على ما هو من مكانة ورسالة وعظمة فكيف بمن جاء بعده, وثانيها انه لابد من جهود كبيرة ومتضافرة من العديد من الجهات وبالذات التربوية من مدارس وجامعات وكذلك من المؤسسات الدينية والإعلامية المختلفة والمتطوعين الذين يجب أن يؤمنا بأهمية المشروع والأهداف المثالية منه وذلك حتى يؤتي المشروع ثماره.

واسأل الله أن يكلل أعمال القائمين على المشروع بالنجاح حتى يتزامن ذلك مع الجهود الحكومية الجبارة لتطوير وتعظيم الحرمين والمشاعر والأماكن المقدسة.

وبالله التوفيق

ZOZMSH@HOTMAIL.COM



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد