Al Jazirah NewsPaper Saturday  26/12/2009 G Issue 13603
السبت 09 محرم 1431   العدد  13603
ميزانية الإنجاز.. وشفافية المليك
فضل بن سعد البوعينين

 

أعلنت المملكة عن أضخم ميزانية في تاريخها للعام المالي 2010 بحجم إنفاق قياسي قُدر بـ 540 مليار ريال، وبزيادة 14 في المائة عن ميزانية العام الماضي.. وقدَّرت الميزانية الإيرادات العامة بـ 470 مليار ريال.. أرقام الميزانية الاستثنائية كفيلة بالتعبير عن مضامينها التنموية خصوصاً بتركيزها على قطاع التعليم الذي خصص له 137 ملياراً، أي ما يعادل 25 في المائة من مجمل الإنفاق، وقطاع الصحة الذي خصص له 61 ملياراً، أو ما يعادل 11 في المائة، وقطاع المياه بميزانية 46 ملياراً، إضافة إلى صناديق التنمية وبرامج التمويل الحكومي التي حظيت بـ 48.3 مليار، وبنسبة 8.9 في المائة من الإنفاق الكلي للميزانية.. أجزم بأن التركيز على مشروعات التنمية من خلال التوسع الإنفاقي هو ما يهدف له الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده ونائبه الثاني، وهو هدف نبيل يحتاج إلى أن ترعاه خطط الوزراء في ترجمتهم تلك الأرقام الضخمة إلى مشروعات تنموية تبقى لعقود عديدة، وتنجز في مدة زمنية قصيرة وبتكلفة مناسبة بعيداً عن الهدر والمبالغة.

وأكد الملك عبدالله على توفر المخصصات المالية، وطالب الوزراء بإبلاغه عن أي تقصير يجدونه في الجانب المادي من «أي أحد» وهو بذلك يُبعد عُذر المخصصات المالية عن المقصرين في إنجاز المشروعات التنموية.

بشفافيته المعهودة، حثَّ الملك عبدالله الوزراء على إنجاز ما تضمنته الميزانية من مشروعات، وقال:»المهم عليكم إخواني إتمامها بجد وإخلاص والسرعة، وعدم التهاون في شيء يعوقها، لأن هذه أسمعها أنا من الناس وأحسها بنفسي، بعض المشاريع إلى الآن ما بنيت، ضائعة».

حتى الآن لا يمكن مقارنة المشروعات المُنجزة بالإنفاق الحكومي السخي، إضافة إلى أن جودة التنفيذ لم تصل بعد إلى مستوى الكفاءة الضامنة لسلامة المشروعات لعقود قادمة.. مشروعات الطرق، الأنفاق، شبكات الصرف الصحي، وتصريف الأمطار والسيول، المباني الحكومية، وبعض مشروعات البنى التحتية لم تأت بحسب التوقعات المتفائلة، وبعضها تعرض لأضرار بالغة جراء الأمطار المتوسطة على الرغم من حداثة تسليم تلك المشروعات التي كان متوقعاً لها الصمود لعقود قادمة.. بعض المشروعات الأخرى ما زالت معطلة لأسباب كثيرة وهو ما يكبد الدولة خسائر كبيرة، ويعرض حياة المواطنين للخطر، إضافة إلى ما تحدثه من أثر بالغ في استكمال إستراتيجية التنمية التي يفترض أن تُستكمل في فترة زمنية قياسية مع توفر السيولة، وإرادة ولي الأمر.

الشركات المنفذة جزء أساس من المشكلة، إضافة إلى أسلوب إرساء المناقصات، وعدم تصنيف الشركات، وعقود الباطن، وسوء التصميم والإشراف.. لذا أجزم بأن الإنجاز والكفاءة هما أهم بكثير من حجم الإنفاق الذي يتعرض في كثير من الأحيان إلى الهدر لأسباب متعلقة بنوعية المشروعات وكفاءتها.

أتمنى أن تركز ميزانية العام الحالي على الإنجاز والكفاءة والرقابة الصارمة لتحقيق المنفعة الكلية من الأموال المخصصة لمشروعات التنمية.. يُفترض أن يقدم الوزراء خطة عمل لإنجاز المشروعات المطروحة، وأن يلتزموا بمدة زمنية محددة، وألا يسمح بإقرار مشروعات لوزارة لم تقم بإنجاز مشروعات السنوات الماضية لأسباب لا علاقة لها بالجدول الزمني المُقر سلفاً.. وبدلاً من التعميم في إقرار المشروعات نأمل أن يوجه الإنفاق الحكومي للمشروعات المُلحة.. وعلى رأسها مشروعات تصريف مياه الأمطار والسيول، والصرف الصحي، والمستشفيات والمدارس، وتنمية القرى والمدن الحدودية، ودعم إستراتيجية مكافحة الفقر.

ما زلت أعتقد أن إنشاء هيئة استشارية عالمية مرتبطة بمقام رئيس مجلس الوزراء، تهتم بالتخطيط، اقتراح المشروعات، التصميم، تقييم التكلفة، والإشراف، يمكن أن يحقق هدف الكفاءة والمنفعة الكلية من مشروعات الدولة.. نجحت شركة بكتل العالمية في تصميم وبناء مدينة الجبيل الصناعية على أعلى المستويات العالمية.. وكانت خير معين للهيئة الملكية في تحقيقها النجاح في ما أُوكل إليها من عمل تنموي كبير، في الوقت الذي فشلت فيه مكاتبنا الاستشارية ومعظم شركاتنا في تنفيذ المشروعات الحكومية وفق المواصفات العالمية.

إسناد المشروعات التنموية الضخمة للشركات العالمية بات مطلباً مُلحاً لضمان جودة المخرجات، ولوقف الهدر في المال العام، إضافة إلى ضرورة إنشاء شركات عالمية للإنشاءات برأسمال سعودي أجنبي بشرط أن تكون المساهمة الأجنبية مقتصرة على شركات الإنشاءات العالمية.. يمكن أن نحقق من خلال تلك الشركات الجودة والكفاءة، ومحاكاة التطور العالمي في مجال الإنشاءات تصميماً وبناءً، إضافة إلى ضمان استفادة المواطنين من الأرباح الضخمة المتأتية من مشروعات الدولة وإنفاقها التنموي، بدلاً من أن تصب في حسابات أفراد محدودين يسيطرون على قطاعات الإنشاءات وعقود التشييد.

مخرجات مشروعات التنمية في السنوات الخمس الماضية تفرض علينا إعادة النظر في أسلوب التخطيط لإقرار المشروعات، التصميم، الإشراف، الترسية والتنفيذ وفق معايير أكثر دقة وعالمية تضمن تحقيق الكم الأكبر من المشروعات بجودة عالية، وفي مدة زمنية قصيرة، معقولة بعيدة كل البعد عن الهدر والمغالاة.

****

F.ALBUAINAIN@HOTMAIL.COM



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد