Al Jazirah NewsPaper Saturday  02/01/2010 G Issue 13610
السبت 16 محرم 1431   العدد  13610
 
أضواء
ما أشبه الليلة بالبارحة
جاسر الجاسر

 

تحولت عاشوراء في إيران من مناسبة دينية إلى مناسبة سياسية أمنية، مذكرة الإيرانيين وكل من يتابع المشهد الإيراني بالأحداث التي أوصلت خميني والمتحالفين معه إلى الحكم في إيران والإطاحة بشاه إيران؛ فالأحداث التي شهدها الأسبوع الماضي تكاد تكون متشابهة مع الأحداث التي شهدتها نفس المناسبة (مناسبة عاشوراء) التي أخذت تتصاعد من قبل قوى المعارضة الإيرانية في عهد شاه إيران، وكان خميني رمزاً لتلك القوى المعارضة؛ إذ نتذكر أن الأحزاب اليسارية والوطنية والتجار (بازار طهران) هي التي شكلت جبهة المعارضة تحالفت مع القيادات الدينية سواء في حوزة قم، ومقر خميني الذي كان متواجداً في ضواحي باريس، وقد استغل المعارضون لحكم الشاه مناسبة عاشوراء ليصعدوا من تظاهراتهم التي تواصلت حتى أجبرت الشاه وجنرالاته على الخروج من إيران ودعوة خميني من فرنسا ليتشكل النظام الجديد تحت إرشاده وقيادته، وقد ضم التحالف الذي التف حول خميني العديد من القوى الوطنية والشخصيات التاريخية مثل حزب حريات وجماعة مجاهدي خلق إضافة إلى كبار تجار طهران (البازار) والمراجع الدينية في طهران وقم ومشهد.

هذه (الخلطة الوطنية) سرعان ما اختلت وأخذت القوى الوطنية من تيارات وأحزاب يسارية وليبرالية وشخصيات يتقلص وجودها في الحلقة المحيطة بخميني وفي المقابل تتزايد هيمنة رجال الدين المتشددين، فأبعد إبراهيم زاده وزير الخارجية، ثم جرد المرجع الديني الكبير منتظري من مناصبه وأجبر على الاعتكاف في منزله وهو الذي كان ينظر إليه كخليفة لخميني، وهكذا خلا الجو السياسي للمتشددين وأُبعد الليبراليون ثم لوحقت القوى الوطنية كمجاهدي خلق التي كانت أكثر الجماعات تنظيماً والتي واجهت نظام الشاه، وهو ما أجبر قياداتها على الهروب إلى خارج إيران فيما أُبعد الساسة الإيرانيون الذين لا تتفق آراؤهم وتوجهاتهم السياسية مع المحافظين، فعزل الزعيم الإصلاحي الحالي مير موسوي من رئاسة الحكومة، بل ألغي منصب رئيس الوزراء، والاقتصار على منصب رئيس الجمهورية الذي يتبع لمرشد الثورة (ولاية الفقيه).

وبعد اعتكاف منتظري وإبعاد موسوي، وملاحقة مجاهدي خلق وإفشال تجربة الرئيس محمد خاتمي وقبله الرئيس رفسنجاني اللذين أرادا إدخال بعض الإصلاحات ليؤول الأمر إلى حكم الثنائي خامنئي وأحمدي نجاد اللذين يتهمهما معارضوهما بأنهما حولا الحكم في إيران إلى حكم دكتاتوري وضيّقا الكثير من الحريات وأوجدا حالة مستمرة من الصدام بين أجهزة النظام من شرطة وباسيج وحرس ثوري وبين المعارضين الذين أخذت دائرتهم تتسع، فبعد أن رفع الإصلاحيون بقيادة موسوي وكروبي وخاتمي رايات العصيان على نظام ولاية الفقيه، اتسعت دائرة المعارضة وانضم إلى التظاهرات والمواجهات قوى كانت تختزن قواها كمنظمة مجاهدي خلق والقوى الليبرالية وهذا ما ظهر في تظاهرات عاشوراء حيث تقول أجهزة السلطة إن عناصر (المنافقين) - ويقصدون بذلك مجاهدي خلق - يشاركون في المظاهرات الأخيرة. كما لفت انتباه المتابعين اعتقال إبراهيم زاده أول وزير خارجية لإيران في أولى حكومات خميني، وهو الذي يوصف بزعيم الليبراليين بأن هؤلاء يعودون للواجهة السياسية.

وهكذا فقد حملت مناسبة عاشوراء بالمواجهات الدامية تطورات أكثر تعقيداً تهدد نظام ولاية الفقيه وتجعله يواجه تحدياً مشابهاً لمواجهة شاه إيران.



jaser@al-jazirah.com.sa

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد