Al Jazirah NewsPaper Saturday  02/01/2010 G Issue 13610
السبت 16 محرم 1431   العدد  13610
 
سلمان درس في الوفاء
د. عبدالرحمن بن سليمان الدايل

 

سجلات التاريخ تكتبها أيدي الشعوب، ستظل هذه المقولة راسخة في أذهان المؤرخين لتطور الحياة الاجتماعية، وستبقى علامة بارزة في تاريخ الأحداث والحقب التاريخية، وستظل سلوكيات الشعوب محط أنظار الباحثين والدارسين يستنبطون منها السمات المميزة للمجتمعات والصفات السائدة بينهم.

والمتابع للصور المشرقة التي عاشتها المملكة العربية السعودية منذ أيام قلائل عند عودة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد الأمين إلى أرض الوطن بعد أن منَّ الله عليه بالشفاء، إنَّ المتابع يقف بكل إعجاب أمام تلك الصور المشرقة التي ازدحمت فيها المشاعر، واكتملت فيها الأحاسيس واختلطت فيها عواطف أبناء هذا الوطن ليتولد فيهم ومنهم شعور واحد ملخصه الانتماء، وسلوكه الإخلاص والوفاء.

فقد عاد ولي العهد الأمين واكتحلت عيون أبناء الوطن به، وكانت صورة استقباله تسمو فوق كل وصف وتعلو فوق كل تعبير، وكانت الصورة المنقولة مباشرة لكل المتابعين خير تعبير، وأصدق نقل، وإن كانت تنقل ظاهر ما نراه، فإن ما تفيض به القلوب أكبر، وما تختلج به من مشاعر وتحفظه من مودة وتقدير ومحبة لن تستطيع أدق الكاميرات تصويراً أن تصل إلى أعماقه أو تصور دقائقه أو تنقل للمتابعين تفاصيله.

إن محبة أبناء هذا الوطن لقادته وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز هي سلوك متأصل فيهم، منذ تمكن مؤسس هذا الوطن الملك عبدالعزيز -يرحمه الله- أن يأسر قلوب الجميع ويتملك عليهم مشاعرهم، فقد أخلص سريرته لربه، وجعل همه خدمة أبناء وطنه، فكان الحب الذي أحاطوه به، والتماسك الاجتماعي الذي بني على أسس قوية من العقيدة التي أمضى الملك المؤسس حياته في خدمتها ورفع كلمتها، فكان الوفاء من أبناء الوطن والإخلاص الذي ساد سلوكهم، والمشاعر المخلصة لوطنهم التي أصبحت سمة مميزة لهم، فبرزت فيهم ومنهم نماذج الوفاء، على مدى مسيرة العهد السعودي الزاهر، فقد سار الأبناء البررة على نهج الوالد المؤسس، فاكتملت مسيرة البناء والعطاء، وترسخت معاني الوطنية والوفاء في النفوس، وما مظاهر الحب التي أحاطوا بها مناسبة عودة ولي العهد الأمين إلا ترجمة صادقة لهذا الوفاء الذي صار سمة لأبناء الوطن، وسجيه تميزهم بين الأوطان، قل أن يضاهيها مثل في عالمنا المعاصر.

لقد كانت صورة الوفاء المشرقة في حياة هذا الوطن ظاهرة للعيان، جلية أمام المؤرخين ليضيفوا إلى سجلات الوفاء في تاريخهم صورة مضيئة مشرقة لهذا الشعب الوفي، وكأني بهم وهم يسجلون سيفتحون هذه الصفحة البارقة الباسقة لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ليضيفوا إليها تلك المعاني الراقية لسموه في هذه المناسبة الوطنية التاريخية، فقد أشرق سموه في سماء الوفاء، وعرفه أبناء الوطن أنموذجاً في الإخلاص، وامتداداً لما عُرف به من دأبه في حقول الخير، ووفائه في ميادين العطاء، فقد كانت ملازمته لأخيه في وقت الشدة المتمثلة في العارض الصحي ترجمة صادق لسمة الوفاء التي يتسم بها هذا الوطن، وما ذلك بعجيب على رجلٍ نشأ وترعرع في مدرسة عبدالعزيز التي كان منهجها العقيدة الصافية والأخلاق العالية والنماذج السلوكية المخلصة، فسار على الدرب، وتمثل هذا السلوك الوفي في كافة مناحي حياته، فجاءت ملازمته لولي العهد الأمين في رحلته العلاجية درساً في الوفاء من نفسٍ وفية ومن رجل أنموذج في الإخلاص والوفاء إلى مَن أحبه الناس وعرفوه بينهم مشرقاً وضاء في ميادين الخير والعطاء الإنساني المتدفق.

لقد تمكَّنت سمة الوفاء التي يتميز بها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز من نفسه وسلوكه فظهرت آثارها في كافة ما نراه ونعايشه في عاصمتنا الحبيبة الرياض التي يسجل التاريخ له أنه مهندسها، الذي استطاع أن يجعل منها عاصمة عصرية وحاضرة العواصم العربية امتداداً ونهضة وثقافة وعمراناً، كما رسَّخ وفاؤه هذه الصورة الإنسانية للوطن في أوقات الشدة التي تعرضت لها بعض الدول الشقيقة والصديقة، فكان وفاؤه وإخلاصه محركا للنجدة، ودافعاً للعمل والإغاثة.

إن صورة الوفاء الحقيقية التي مثَّلها وجسَّدها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز في تلك المناسبة الوطنية تستحق الوقوف أمامها بكل الفخر والتقدير -ليس للإشادة بها فحسب- فسموه لا يحب المدح ولا يميل للثناء، ولكن الموقف يستحق التسجيل في صفحات الوفاء، واستخلاص الدروس التي تفيد في ترسيخ هذا النموذج في حياتنا ليظل الوفاء سمتنا والإخلاص من شيمنا. والله الموفق.

وكيل الوزارة بوزارة الثقافة والإعلام -سابقاً



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد