Al Jazirah NewsPaper Friday  08/01/2010 G Issue 13616
الجمعة 22 محرم 1431   العدد  13616
 
التجنيد للإرهاب: رأي في تفسير الظاهرة-الحلقة -4
د. دخيل بن عبدالله الدخيل الله(*)

 

وخلاصة القول إن مقترفي الأعمال الإرهابية المشينة والمتورطين فيها ليسوا كما يرى بعض من تصدى لتفسير أفعالهم مرضى أو يعانون من اضطرابات نفسية أو عقلية بل أسوياء مستوفي الأهلية.

ويأتون هذه الأعمال وهم بكامل قواهم العقلية يعرفون تمام المعرفة ما أقدموا عليه وبطواعية من أنفسهم قد أتوه.

لقد أثبت البحث بأن ثلثي (2-3) من ينضمون للفرق والنحل أسوياء نشطاء تتناسب تصرفاتهم مع أعمارهم.

في حين يعاني معظم الثلث الأخير من مشكلات شخصية كالفشل الدراسي وأخرى عائلية وعاطفية كفقدان قريب أو إخفاق في اقتران بحبيب أو صعوبات وظيفية ذات علاقة بخصائصهم العمرية.

وأن ما نسبته (5-6%) من هذا الثلث الأخير فقط لديهم صعوبات نفسية قبل الانضمام للجماعة.

أما الغالبية كما يبدو من هذه الإحصاءات فهي سوية مسؤولة تمام المسؤولية عمَّا اقترفت أياديها من أفعال. والقول باللاسواء والاضطراب والجنون كتفسير لهذه التصرفات فيه التماس عذر لمرتكبيها بما يرفع الملامة عنهم. ويوجب عدم إجراء العقوبة في حقهم. وهذا مما لا يقبله منطق ولا يجيزه شرع ولا تقره حكمة.

وما وصف الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم-، وموقف الصحابة من حركات التمرد البائسة التي مُنِّي بها المجتمع المسلم في بداية نشأته إلا دليل قاطع على أن الموقف من أمثال هؤلاء لابد أن يكون صريحاً واضحاً حازماً لا محاباة ولا مجاملة فيه. وقد أعلنه صراحة دون مداهنة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- في وجه النفر الذي قدم عليه. وقد أبان عن تنطع وغلو لا يقره الإسلام بقوله، (فمن رغب عن سنتي فليس مني). وهذا موقف صريح وحازم تجاه من تنطع وغالى وتطرف. ويظل موقف هذا النفر المغالي في دينه وليد تنشئة لفرقة حادت في منهجها عن منهج الإسلام.

ويبقى سؤال يتعلق بكيفية التعامل مع هذه الظاهرة للحد من انتشارها وشيوعها لاسيما بين معاشر الشباب وانتشال من تورط منهم فيها. نقول بأن العلاج عادة ما يتم عبر عملية منهجية منتظمة تعرف (بتقويض البرمجة وإعادة البرمجة).

وهي الأخرى تتم عبر مراحل وباستخدام آليات وتكنيكات خاصة بها. تبدأ بتفكيك ما تم تشربه من أفكار ومعتقدات وتعديل ما اعتاد عليه المجند من أفعال. يتبع ذلك إعادة التشريب والتثقيف عن طريق إحلال أفكار ومعتقدات بديلة مرغوبة من قبل الجهة القائمة على عملية البرمجة. وعادة ما يتم الإحلال بتقديم جرعات من الفكر المضاد على مراحل.

فضلاً عن التحصين لتلك الأفكار البديلة عن طريق التثبيت باستخدام آليات للتعزيز والمساندة خاصة. وبالمثل، نرى أن الحاجة ماسة لحماية من لم يتورط من الشباب بمثل هذه الأعمال وتحصينهم عن أن يكونوا عرضة للتأثير من قبل الجماعات والتنظيمات التي تتخذ من الغلو والعنف والإرهاب مذهباً عن طريق برامج مماثلة تحد من نمو نزعات الغلو والتطرف و تؤصل لفكر معتدل آمن.

(*) أستاذ علم النفس الاجتماعي - جامعة الملك سعود
عضو الفريق العلمي - كرسي الأمير نايف لدراسات الأمن الفكري



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد