Al Jazirah NewsPaper Saturday  09/01/2010 G Issue 13617
السبت 23 محرم 1431   العدد  13617
 
توقعات بوصول أقساط التأمين إلى 26 مليار ريال في 2010 م.. خبراء تأمين لـ(الجزيرة):
إنشاء هيئة مستقلة للتأمين سيعزز حماية العملاء ويقضي على المنافسة غير المشروعة

 

الجزيرة- عبدالعزيز العنقري:

شهد العام 1424 صدور نظام مراقبة شركات التأمين التعاوني الذي تولت الإشراف على تطبيقه مؤسسة النقد العربي السعودي، وقامت المؤسسة بعدها بعامين بتنظيم سوق التأمين من خلال تسلُّم طلبات تأسيس شركات التأمين وإعادة التأمين وفق ضوابط محددة، حيث كان يعج السوق بمكاتب غير منظمة لشركات موجودة بالخارج، بينما لم يكن هناك سوى شركة وحيدة مرخصة هي التعاونية للتأمين التي أسسها صندوق الاستثمارات العامة برأس مال 500 مليون ريال.

وبعد هذا التحول الإيجابي الذي شهده قطاع التأمين واكتمال ملامحه، أصبح لاعبا مهما في الاقتصاد السعودي، فاليوم وبحسب الدراسات يعتبر الأكثر نموا بين مختلف القطاعات، هذا بخلاف أهميته المتصاعدة اقتصاديا واجتماعيا. وهذا ما زاد من التوقعات بقرب الإعلان عن إنشاء هيئة مستقلة تشرف عليه ذات صلاحيات اكبر وحجم تنظيمي واسع، تستطيع أن تغطي كل متطلبات هذا القطاع ليكون أكثر تفاعلا مع النمو الاقتصادي الضخم الذي تشهده المملكة والتماشي مع تسارع الطلب عليه، حيث ما زال هناك بعض جوانب القصور الفنية في عمل القطاع.

ولتسليط الضوء أكثر على أهمية إنشاء هيئة للتأمين توجهت (الجزيرة) لخبير التأمين عبد المجيد الأمير الذي قال: مع التطور الاقتصادي الهائل الذي تشهده المملكة اليوم الذي شمل قطاع التأمين، أصبح من الضرورة إنشاء هيئة مستقلة للتأمين لما لذلك من فوائد سوف تنعكس إيجابا على سوق التأمين بشركاته وعملائه، فوجود الهيئة مهم لأنه يسهل عمل الشركات بالحصول على ترخيص منتجاتها بشكل سريع. كما أن الهيئة ستكون مسؤولة عن إدارة أموال التأمين الذي يتوقع أن تصل (26) مليار ريال في 2010 (كأقساط تامين). حيث إن شركات التأمين حاضنة للأموال بكل أبعاد التأمين، مما يتطلب إدارة واعية تستثمر بشكل صحيح ليعود ذلك بالنفع على الاقتصاد المحلي.

وأضاف خبير التأمين، لو نظرنا لما تقوم به هيئات التأمين في الدول المجاورة كالأردن والإمارات نجد أن عملها يتجاوز مسألة الإشراف على الشركات، فهي تشرف على حقوق حملة الوثائق ولديها صناديق احتياطية لإدارة أقساط التأمين، كما أن الهيئة تلزم الشركات بإشعارها على أي وثيقة تأمينية ذات بمبلغ كبير.

واستطرد الأمير: وبموجب ما يحصل من تطور في قطاع التأمين فإن قيام هيئة تأمين سيسهل إدارة الأموال وسيحث المكاتب الاستشارية للقيام بدورها. كما سيعالج غياب التعاون بين شركات التأمين في إيجاد قاعدة معلومات لحمايتها ضد الأخطار والقصور الفني في التضليل بالأسعار، وقد كان هناك اتفاقية بين شركات التأمين المحلية سميت اتفاقية (جنتلمان) تنص على عدم التباين بأسعار منتجاتها ولكنها بقيت حبرا على ورق، وبالتالي فوجود الهيئة سيضبط الأسعار من خلال حماية العميل والقضاء على المنافسة غير المشروعة في حال قيام حرب أسعار بين الشركات.

وأوضح الأمير أن وجود هيئة للتأمين سيوفر مكتبة تأمينية تقدم المعلومات الخاصة بالأبحاث والدراسات. مع ضرورة الاستفادة من الخبرات القديمة لتطوير عمل الهيئة فالجميع سيستفيد من الهيئة كشركات وعملاء واقتصاد ففي الخارج هناك تعاون بين الشركات بشكل كبير بتقديم المعلومات مما يسهم بسلامة السوق وتطوير الكفاءات.

وعن تقييمه لتجربة قطاع التأمين المحلي الذي ما زال فتيا، قال الأمير: لا شك أن العمل الذي قامت به مؤسسة النقد بالترخيص لعمل شركات التأمين كان خطوة ناجحة ومتوافقة مع تطورات الاقتصاد السعودي، ففي العام 2004 بدأ الترخيص لشركات التأمين حيث كان هناك مجموعة فروع أو مكاتب تعمل بالتأمين دون رقابة، وكان هناك توقع بالتسرع في كثرة التراخيص لكن مع مرور الوقت اتضح عكس ذلك. فالحاجة لإنشاء قطاع التأمين بدأت منذ ثلاثين سنة، وفي عدة مجالات كالتأمين الطبي وغيره، وفي رأيي أن البداية من الجهة الإشرافية التي تتبع مؤسسة النقد كانت صحيحة، ولكن المشكلة كانت تكمن في عدم وجود كوادر بشكل كبير وبتخصصات مختلفة كالتأمين البحري وغيره. فالمؤسسة بدأت بلائحة تنظيم ثم بدأت بالترخيص. حيث كان هناك أكثر من مائتي مكتب تأمين تم حصرهم بعدد من الشركات التي تم ترخيصها والمدرجة حالياً بالسوق المالي. فأهم ما يميز قطاع التأمين انه يحتاج إلى وقت لتنامي الخبرات وتوسيع قاعدة النشاط.

وحول أداء شركات التأمين وتواضع أرباحها، قال الأمير: لا شك أن الشركات تشهد تطور في نشاطها الذي حقق لها الأرباح ويعود ذلك للفوائض النقدية الضخمة التي تتمتع بها المملكة ولكن بالوقت نفسه تعاني هذه الشركات من المصاريف الضخمة التي أثرت على هذه الأرباح.

وعن ابرز نقاط القصور التي يعاني منه سوق التأمين المحلي قال الأمير: أبرز معالم القصور تكمن في الجوانب الفنية فهناك قصور في عملها، فعندما وضعت الأنظمة كان هناك مكتب فني لمتابعة تطبيق الأنظمة على الشركات ولم يخل الأمر من عيوب فنية فهناك جهات استشارية خاصة لم تعمل بالشكل المطلوب.

على الرغم من أنها في الدول مجاورة تقدم الدراسات بشكل فني عن واقع التأمين كالأخطار المترتبة على بعض المنتجات بمعنى انه ما زال لدينا نقص في الدراسات التأمينية والسبب في رأيي يعود لعدم إتاحة المجال لتلك الشركات الاستشارية في تقديم خدماتها، إضافة إلى أن شركات التأمين المحلية تخلت عن أخذ رأي هذه الجهات الاستشارية في أعمالها واتكلت على النمو الاقتصادي في المملكة، كما أن الجهة المعنية الممثلة في مؤسسة النقد لم تلقِ بالا كبيرا لتفعيل دور هذه الشركات الاستثمارية التي اكتفت بتقديم خدماتها للشركات الاقتصادية التي أسهمت بإنشائها مما جعل تلك الشركات تتوقف عن التوسع في خدماتها.

وأضاف الأمير: إن قطاع التأمين يرتكز بشكل أساسي على نشاط الاقتصاد وليس على التنظيم فقط، فالجوانب الفنية تتطور مع الزمن، فهذا الجانب ما زال يحتاج إلى نضوج من خلال تطور ثقافة التأمين عند الناس.

فطرح فكرة التأمين التعاوني دون النظر بقدرة الشركات على تطبيق مبدئه ما زال يشكل خللا بهذه المنتجات وحاجة السوق لها، فالجهة الإشرافية كانت ترغب بتطوير النشاط بالبداية على الرغم من وجود خلل بالتنفيذ، مما شكل خللا بقدرة الناس على فهم حقيقة الوثائق ومدى تلبية رغبة العميل وحفظ الحقوق بشكل سليم للطرفين خصوصا العميل.

فالشركات تفصِّل وثائقها على حسب مصلحتها، فرغم أنها يجب أن تستمدها من اللائحة إلا أن الشركات تجتهد بما يصب في صالحها فالقصور الفني من قبل الجهة الإشرافية يصب في جانب النظر بالوثائق وتفنيد أي خلل فيها، والسبب في هذا القصور نقص الخبرات المتخصصة بشكل رئيسي فلابد من وجود جهات لا تتبع للشركات أو الجهة الإشرافية لتقييم واقع الشركات وتقديم استشاراتها لضبط السوق.

فما زال هناك قصور في الجوانب الفنية لدى الجهة الإشرافية عند بحث القضايا التي تُرفَع ضد الشركات ولا بد من اخذ الاعتبار لعامل الزمن في تطوير هذه الجوانب.

يذكر أن العديد من الدول قامت بتأسيس هيئات مستقلة للتامين أسهمت بشكل كبير بتنظيم القطاع وتسريع عجلة نموه فهناك أكثر من 10 دول عربية لديها هيئات مستقلة بخلاف وجود منتدى يجمعها تحت اسم منتدى هيئات التأمين العربية الذي أسس العام 2006 والمملكة عضو فيه، كما يوجد اتحاد عربي للتأمين أسس العام 1964 ما يعني الحاجة إلى وجود كيان يستطيع أيضاً التواصل مع الخارج للاستفادة من الخبرات الدولية، خصوصا أن هناك مرجعية عالمية من خلال منظمة هيئة التأمين الدولية.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد