Al Jazirah NewsPaper Sunday  10/01/2010 G Issue 13618
الأحد 24 محرم 1431   العدد  13618
 
النفاق مرض كبير فاحذروه
مصطفى محمد كتوعة

 

إذا كان الإنسان مقتدراً واثقاً من نفسه فلا يمكن أن يكون منافقاً أو متسلقاً ويصل إلى مأربه عن طريق الرياء والخداع وغش الناس وأكل لحومهم بالنفاق والنميمة فالنفاق هو شيمة بعض الضعفاء الذين لا يقوون على مجابهة الصحاب.. ولا يحملون أي نوع من أنواع المؤهلات حتى يتسنى لهم القيام بأي نوع من الأعباء!! إن المنافق كثيراً ما تعوزه القدرة على التحدي لكل ما تقابله من صعاب فلا حيلة له إلا أن يسلك هذا الطريق أو السبيل القبيح في دق الطبول ومسح الجوخ والتواري خلف الأقوياء فلا يبرز هيكله الهزيل حتى لا يقع مع أقل رياح، والرياء كما يقول بعض الحكماء مرض من أمراض المجتمع يدل على انهيار الشخصية.. وحتى في الأخلاق وبعد عن الوضوح وفقر في الشجاعة الأدبية.. وطريق ملتو يسلكه كل متلون مخادع ليعمل بواسطته إلى منفعة دانية أو مكسب شخصي حتى ولو أهدر إنسانيته وأودى بكرامته وعزته وأنفته.. والمنافق كما هو معروف لا يهمه كرامته أو عزته في سبيل الوصول إلى أهدافه.. بل يمكنه أن يتنازل عن كل كبريائه من أجل ذلك.. ويمكنه أيضاً أن يفقد أمانته أو إنسانيته حتى يصل إلى مراده.. لأنه لا يفكر في تلك النواحي ما دام يتشوق لبلوغ هدف ما.. ومن العسير جدا أن تقنع أي منافق بأخطاء أفعاله وعدم تلائمها مع النظرة الإنسانية البحتة ناهيك عن الدينية فلو كان يملك أية ذرة من الإنسانية أو كان يشعر بقيمته كإنسان لما بدرت منه تلك التصرفات والأفعال الشائنة.. وما كان قد لجأ إلى استدراك عطف إنسان مثله يمثل هذا الأسلوب القبيح أنه دائماً مع هذا وذاك بنفاقه وخداعه. والمنافق لا يدري بأنه يمثل هذه الأعمال أو السلوكيات ويتضاءل أمام الآخرين وخصوصاً أمام الطرف الذي يقدم له كل تلك التنازلات.. بل فإنه يعتقد بأن كل ذلك نابع من ذكاء مفرط وعقلية صائبة وممتازة فالمسكين لا يدري بأنه مكشوف أمام عباد الله وهو مثل إناء لا غطاء له ولا يدري أيضاً بأن كل الطرف يعرفه جيداً فهو ليس بأذكى من الطرف الذي ينافق له إلا أن هذا الطرف هو أيضاً يعاني من مرض الكبرياء والأنفة ويريد منافقاً ينقذه من آلام هذا المرض.. وعندما يشفى فإن مصير المنافق هو الطرد والإهانة والزجر.. ولكن فإن المنافق لا تهمه كما أسلفت أية إهانة مثلما لا يهمه الطرد.. ففي وسعه أن يتحمل الزجر مثل الأطفال والإهانة وكل أنواع التشمت والنبذ ما دام يستفيد ولكنه يحزن كثيرا إذا ما طرد من رحاب المنفعة!! ومهما كان فإن مصير المنافق الطرد.. وهو ما يطول مكوثه في كرسي المنافع فإنه لا شك يوما مطرود ويظل مطروداً حتى يعثر على آخر بعد شق النفس وبعد بحث طويل فيرتمي في رحاب شخص آخر ويمارس أفعاله تلك وهكذا دواليك من واحد إلى آخر حتى يصل إلى مرحلة اللفظ النهائي.. لقد وصل بعض المنافقين إلى مآربهم وسكنوا في قصورها ولكن فإن هذه القصور كانت من الرمال فتهاوت على الأرض في سرعة خيالية فظلوا قابضين على الثرى حتى تراكم عليهم التراب فأصبحوا منسيين فظل نفاقهم ذكرى يجزونها وهم نادمون ولا حول ولا قوة إلا بالله ونسأل الله أن يحمينا من النفاق وأهله اللهم آمين.. آمين.. آمين.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد