في يوم الاثنين تاريخ 18-1-1431هـ جاء نبأ وفاة جدي الشيخ صالح بن سالم بن مناحي الصبيحي عن عمر يناهز 90 عاماً في فجر ذلك اليوم في محافظة البكيرية التي تعد المحطة الأخيرة من حياته، حيث مكث فيها إحدى عشرة سنة، وكان رحمه الله في بداية حياته قد انضم إلى رحلات العقيلات التي عمل معهم متنقلاً لأكثر من سبع سنوات ومن ثم عمل بأعمال حرة أخرى ليؤمن قوت يومه له ولأفراد عائلته التي لا تتجاوز الأربعة أشخاص، وكان في تلك الرحلات قد منَّ الله عليه بأن صلى بالمسجد الأقصى، وعمل في جلب المؤن من الشرق والشام وقاسى الظروف وما يتخللها من مخاوف أمنية محدقة، كذلك قد ذاق - رحمه الله - كغيره من أقرانه مرارة ذلك العصر وصعوبة المعيشة إضافة إلى فقده بعض الأبناء في الصغر وفقده اثنتين من زوجاته - رحمهن الله - حيث شكلت تلك الأحداث نقطة تحول في مسيرة جدي المعيشية - رحمه الله -.
وحاول جاهداً أن تكون أعماله بالقرب من أطفاله الصغار، وقد عمل في منطقة القصيم في مدينة بريدة استاذاَ بارعاً للبناء (في بيوت الطين بعد أن عمل في هذه الحرفة لمدة عامين في مصر) ومن ثم عمل في الزراعة في الفويلق إلى أن انتقل لمحافظة البكيرية.
وقد كان رحمه الله مثالاً للزهد والورع ومثالاً للتربية بشهادة أقرانه، فلم أر يوماً قط أن جدي ادخر مالاً أو رفع صوته على أي شخص حتى ولو كان مخطئاً عليه، فكان يتحاشى المواقف التي تسيء له وللآخرين وتفقده حب الناس، وكان ينظر إلى الحياة الدنيا بأنها ظل زائل، كما كان يردد دوماً، وكان في تربية لم يستخدم الضجر أو الضرب أو أي أسلوب قد يؤدي إلى كرهه فكان يستخدم أسلوب المقارنة بالأفراد الناجحين من العوائل الأخرى، إضافة إلى أنه يوفر جميع سبل النجاح لأبنائه، فقد كان يسقي الحرث ويرعى الغنم عن أبنائه ليفرغهم للدراسة.
رحل جدي وقد فقده الكثير من أحبائه الذين حبوه لشخصه، حبوه كرجل مثالي في جميع التعاملات، رجل دين فكان أحد أئمة صلاة التراويح بمدينة الفويلق، حبوه كرجل مبادر لفعل الخيرات مهما كانت وأي كانت، رحم الله جدي رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وألهمنا الصـبر والسلوان?إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ?.
- الرياض