|
فارس وشاعر من شعراء الجزيرة العربية وعلم من أعلامها، اسمه تاريخ متنقل، وتاريخه ناصع البياض، هو الشيخ الشاعر جهز بن شرار أحد شيوخ ميمون من قبيلة مطير العريقة كغيرها من قبائل الجزيرة العربية، قيل عنه: إنه شاعر الشعار، وذكر في بعض المصادر أن الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن -رحمه الله- قال عنه: إنه من أصدق الشعراء.. وهي شهادة للتاريخ من صانع التاريخ. |
وقد شهد له أعداؤه قبل أصحابه، وشهد هو لأضداده قبل نفسه، ففي حقبة مضت كان ديدن الجزيرة هو الغزو وكان لابن شرار اسم لامع وبصمة واضحة.. جهز منذ نعومة أظفاره وهو يهوم المجد ويعشق الصعاب، شجاع حتى الثمالة، ومقدام لامع وصاحب كلمة وفية، وعهد قائم، ومن نوادره كان والده ينوي غزو إحدى القبائل المجاورة فهم بمرافقتهم ولكن والده منعه لصغره مما أثر في نفسيته فقال: |
يوم أسهجني نايبات النسانيس |
الموت عندي والحياة امتساوي |
واطي قلبي طي بيض القراطيس |
واونتي ما هي بونة هواوي |
الله على اللي مثل خطو القرانيس |
يجي بها قواد حبل الرجاوي |
وهو هنا يتوجد لجلوسه ولكنه مع ذلك لم يقل: إن تلك القبيلة رديئة أو لا ترتقي؛ لأن أكون ضدهم، بل كان صادقاً مع نفسه، فقال فيهم: |
إما أنت يا مثال والا أنت يا نعيس |
الله يحطه بينكم بالمحاوي |
حيث إنكم فريس وأعيال فريس |
أهل أمهار الخيل ما أنتم شواوي |
ومثال ونعيس من أبناء القبيلة الأخرى.. فلاحظوا يقول في مدح أعدائه، حيث إنكم فريس وعيال فريس وهنا قمة المجد وقمة الصدق. |
وكان -رحمه الله- لا يعتدي على أحد ولا يأخذ المداد والراوي. |
وكان ابن شرار عاشقاً والرجال تحب وتعشق الرجال الطيبين لمطير حد الثمالة. |
ولم يكن جهز فقد فارس سفاح متجهم ولكنه شاعر مرهف حساس ورجل مؤمن موحد كغيره من أبناء تلك الحقبة: |
يالله يارفّاع سبع السموات |
ياللي بمدات العطاء ما انت بمشير |
تمدني عن العطايا الردّيات |
اما عطايا غبر والا معاذير |
قولوا لأبو معتق رفيقي بما فات |
لو أحرز الميراد ما أحرز مصادير |
ما تخبره يازبن تال الونيّات |
اللي ورد ما تخبره بالمصادير |
لو ان بيبان الخرايم مخلات |
ماكثّر الميقاف بين الدواوير |
نرجى العطاء من عند رب السموات |
فوق النضى ومعسكرات المسامير |
مار ان لبيبان الخرايم حراسات |
وغير الحرس حطوا وراهن نواطير |
وأيضا كان الشيخ -رحمه الله- صاحب طرفة ومزحه ومداعبة وقد وجد للقهوة مدخلا عند احد الناس فقال مداعبا له: |
ياعنك ما فنجال راشد بمشهاه |
ينيه والا يدّغثه بالسريبي |
ودك الى جاء الشول راس مضماه |
انه يقف له فوق راس القليبي |
وان صدرت من كوكبا راهيا ماه |
الى العرق من صابره له صبيبي |
وقد كان له طابع شعري خاص سلس متفرد.. |
|
كم ذود مصلاح نحرك له أسباب |
وحنّا إلى شا الله نشتت نويّه |
نعم الايمان بالله ثم القناعه بالذات والفعل.. |
ولمن يقول انه غير صحيح يرد شرار: |
إن جيت أعدّ أكواننا عدّ وحساب |
كواينٍ بفعول ما هي خفيّة |
|
يا راكب اللي فوقها خرج وشداد |
ولاهيب من قطع الخرايم تملي |
أن كان تطري اللي تقافى برعاد |
جعله على الشعبة يموم المصلي |
وهنا وصف وسلاسة للقبلة والمكان.. |
ثم يستطرد ويستدرك.. |
وان كان يحيي ميت عقب ما باد |
جعله على ديرة علي يستهلي |
لا دونها يقصر ولا من ورى زاد |
ياخذ أسبوع والثرى مستقلي |
يقصد ديار ربعه وجماعته يريد لها الربيع مثله مثل اماني الكبار امثاله.. |
ولأخيه الفارس علي بن فازع بن شرار شقيق الشيخ جهز بن فازع بن شرار قصيدة جميله منها: |
رد السلام وفلهموا فيه الاسلام |
يا لايمي للهام خمه واصابه |
ليا درع الجيبين فوق الحشا الزين |
وليا لبس حجلين ما حلا شبابه |
خده كما البراق فالمزن الادراق |
ما شفت فيه رواق يردم عقابه |
أبو ثمان ورق ما بينهن فرق |
مثل لميع البرق باعلى سحابه |
ونهده كما الفنجال في يدين عمال |
مع لابسين الشال ما أزين شرابه |
وخده كما القرطاس في كف طماس |
ما قط شال الفاس يطرد عذاب |
ولكن صوت الحكمة وصوت التجربة والشهامة، بل الترفع عن الاسفاف هنا كان صوتها من جهز بن شرار الذي لم يجامل أخاه ويجاريه ولكنه نصحه ودله فقال: |
يا علي كب الود مع داعج الخد |
الود قبلك عذب اللي شقابه |
ترا موار الطيب نطح المواجيب |
اللي على العدوان يتعب ركابه |
لله درك من فارس فقد اتعبت الركبان بسيرتك العاطرة.. |
و لله درك من شاعر واضح صادق كريم فقد انتصر في إحدى معاركه الكثيرة عندها أنشد قائلاً: |
يالله ياللي عالمن بالخفيه |
ياوالي الدنيا بتدبيرك الزين |
وخلاف ذا ياراكب عدمليه |
منوت مودين الخبار المعنين |
ولكن لم يكمل ويقول نحن ونحن بل وضح أن من استطاع أن يهزمهم في يوم ليس لهم هم قبيلة عريقة قوية لها مجدها وصيتها وسبق انتصاراتها ولها أيضاً انتصارات فقال بيتاً أصبح مضرب مثل رائع: |
ماذمهم والله رقيب عليه |
أمعين الله والقبائل معيين |
شوخ الضحى صبابة الشاذليه |
أيضا الى جات الفعايل مديحين |
نعم فأنت لست ممن يظلم نفسه ولست ممن يصغر الناس ويظن أنه الأوحد فكل له حقه وكل له نصيبه من الطيب والمجد كما قال العنقري: |
الطيب ما هو بس للضاعنينا |
كل عطاه الله من هبة الريح |
ويكمل جهز بكلام الواثق ولغة الصادق: |
وأنا أحمد اللي زين الهرج ليه ....من غير تدبيره ماحنا مسوين |
نعم يارحمك الله من غير تدبيره ماحنا مسوين |
هنا تقف الكلمات عاجزة عن وصف مثل هذا الفارس الشجاع الصادق جهز بن شرار وليس هو الأوحد في قبيلة مطير العريقة بأمثاله ولكن لأنه فارس وشاعر في نفس الوقت عاش لم يظلم ولم يظلم كعادة الكبار وكعادة أخلاق الفرسان وأبناء البادية الانقياء فانصف الناس في وقته لينصفه الناس بعد مماته. |
|