Al Jazirah NewsPaper Thursday  21/01/2010 G Issue 13629
الخميس 06 صفر 1431   العدد  13629
 
التعليم العالي للفتاة الأبعاد والتطلعات
د. سعيد أحمد الأفندي(*)

 

شرفت بترشيح جامعة الملك عبدالعزيز لي لحضور فعاليات (ندوة التعليم العالي للفتاة: الأبعاد والتطلعات) والتي استمرت لمدة ثلاثة أيام متواصلة في ضيافة جامعة طيبة بالمدينة المنورة وبرعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن ماجد بن عبدالعزيز. وفضلاً عن ذلك التميز الكبير الذي قام به أبناء جامعة طيبة من حسن تنظيم وكرم ضيافة فإن موضوع الندوة كان موضوعاً مهما وحيوياً في وقت كنا في أمس الحاجة للوقوف والتأمل في ما وصلت إليه الفتاة السعودية في تعليمها الجامعي، حيث كان عدد الطالبات منذ عقود قريبة لا يتجاوز الثمانين طالبة حتى وصلنا إلى هذه النقلة الكبيرة في تعليم الفتاة الجامعي. وقد دعا المنظمون لهذه الندوة نماذج مضيئة تمثل مسيرة الفتاة السعودية الجادة والناجحة والتي شاركت في تقدم بلادها بعلمها وثوابتها الأصيلة جامعة بين الأصالة المرتبطة بدينها وثوابتها وبين المعاصرة في ما تعلمته في شتى العلوم وأنواع المعارف. ومن تلك النماذج الرائعة الأستاذة الدكتورة حياة سندي، حيث تحدثت عن قصة نجاحها في محاضرة من أجمل ما سمعت من قصص الصبر والمثابرة والتحدي، حتى وصلت إلى أعلى درجات النجاح والتفوق، وتعددت المشاركات في هذه الندوة إلى أكثر من سبع وأربعين مشاركة تنوعت بين المحاور في موضوعات متعددة تخص تعليم الفتاة الجامعي، ومنها محور البيئة الجامعية للفتاة ومقومات تلك البيئة ومعاييرها، ومحور آخر حول القضايا الأكاديمية للفتاة وحول المناهج والمشكلات الأكاديمية وفرص واتجاهات التعليم العالي للفتاة في المملكة العربية السعودية، ومحور آخر حول التخطيط والموازنة بين التعليم العالي ومتطلبات التنمية عموماً، وموضوع آخر مهم، وهو الانتساب والتعليم عن بعد والتعليم الإلكتروني لدى الطالبات، وأيضا مشكلات برامج الانتساب ومشكلات كليات البنات الملحقة بالجامعات السعودية، وهي كما هو معلوم كثيرة ومنتشرة. وبدأت بعض تلك الكليات تتضخم حتى تحولت إلى جامعات مستقلة. وهي خطوة رائدة ستزيد من فرص التعليم العالي للفتاة في المملكة، ومحور آخر حول الحاجات النفسية والاجتماعية للفتاة السعودية، وكذلك محور حول الدراسات العليا والبحث العلمي، وقد أثارت هذه الجلسة عندي الكثير من الشجون حول الدراسات العليا والبحث العلمي للفتاة، حيث إنني أدرس في مرحلة الماجستير للطالبات في قسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك عبدالعزيز وأدرك الصعوبات الكبيرة التي تواجهها الطالبات في هذه المرحلة، وقد أجملها الأستاذ الدكتور منيع المنيع بورقته المتميزة، وعنوانها (المعوقات التي تواجه طالبات الدراسات العليا في الجامعات السعودية)، وأتمنى من أخي سعادة الدكتور أن يطور هذه الورقة ليتم تفعيل توصياتها، حيث إنها من وجهة نظري من أفضل ما قدم في أعمال الندوة. وتبع ذلك مجموعة من الأبحاث حول التطوير والجودة، ثم قدمت بعض التجارب المحلية والعالمية لتعليم الفتاة، وأود أن أشير هنا إلى أننا ينبغي أن نستفيد ونتواصل مع التجارب العالمية ونأخذ ما يفيد ويثري ويرقى بفتياتنا ودراساتنا الجامعية. إلا أن من المعلوم أن هذه التجارب ليست كلها قابلة للتطبيق في مجتمع تحفه الشريعة الإسلامية، وينعم برؤية واضحة لدور المرأة ومكانتها وقيمها، خاصة وأن بعض تلك التجارب قد نشأت في بيئات أثرت عليها تيارات فكرية وأخلاقية ليست موجودة في مجتمعنا ولا تتوافق مع منظومتنا الفكرية والقيمية.

ونحن نستطيع بإذن الله، وبعزم قيادتنا، وبرغبتنا الأكيدة، أن نمضي قدما تعليم الفتاة تعليما جامعيا راقيا لتصبح رائدة في علمها ومتمكنة من تخصصها، تعيش عصرها وتتقدم على غيرها بخطى ثابتة مستعينة بنظرتها الأخلاقية الإسلامية الأصيلة ومستفيدة من الإمكانات الكبيرة التي وفرتها لها بلادها، متمسكة بثوابت دينها غير عابئة بما يموج به العالم من صراعات وشذوذات عارضة لن يكتب لها البقاء والاستمرار !

(*) أستاذ الفلسفة الإسلامية المساعد بجامعة الملك عبدالعزيز



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد