Al Jazirah NewsPaper Sunday  24/01/2010 G Issue 13632
الأحد 09 صفر 1431   العدد  13632
 
لا.. للعصبية
مهدي العبار العنزي

 

التفكير السليم يعني النزاهة واستبعاد الاعتبارات الشخصية، وهو دليل قاطع على توخي الحق إلى الحد الذي يحمل الإنسان على نقد نفسه ومحاسبتها وتحرير الفكر من القيود التي تجعله يرفض تقبل كل رأي.

والدين الإسلامي الحنيف حث على الحقيقة وإكبارها إلى أقصى حد لأن الحقيقة حق وهي ضالة المؤمن. كما أن الإسلام بسماحته لا يبخس الحق ولا يصغّر بقائله، وأمر الإسلام بموضوعية التفكير الصحيح والتي تقتضي كفاية المعلومات كي يستطيع الإنسان الحكم على الشيء بناء على العلم الصحيح والحقيقة الواضحة وضوح الشمس في رابعة النهار. والقرآن الكريم أكد على التثبت وعلى العلم الحقيقي بقوله تعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} وإذ ادركنا أن الظن لا يغني عن الحق بشيء، وكما قال سبحانه وتعالى: {وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ} ولهذا نهى الإسلام عن الشك والريبة وعن اتباع الهوى، والإسلام يحمل الإنسان مسؤولية أعماله ونشاطاته المختلفة في الحياة وتحملّ هذه المسؤولية أهم ما يميز الإنسان عن غيره من مخلوقات الله، ولأن الشك والظن والهوى من الأمور التي تقيد العقل وعائقاً في سبيل انطلاقه وتحرره وهذه الأشياء تجعل الفرد يتأثر بعواطفه ورغباته في نظرته للأمور فيراها من زاويته الخاصة فلا تصبح الحقيقة المجردة بغيته ومطلبه مما يجعله يصدر أحكامه على شتى الموضوعات تبعاً لحبه للشيء وتؤدي هذه الأمور أيضاً إلى سقم التفكير وعدم معرفة المعلومة الحقيقية اللازمة لسلامة العقل وصحة الاستدلال!!

ومع يقيننا أننا في مجتمع لا يقبل على الإطلاق من كل فرد أن يلغي عقله ويذعن لكل ما يجافي الحقيقة والحق، فإننا ندرك أن الإسلام ألغى الكثير من الأمور التي تؤثر على العقل والتفكير السليم، ومنها التباغض والانحراف خلف كل ما يسيء للأخلاق ويشتت الجهد والشمل ويذكي نار الفتن والنزاعات، والتي تدخل ضمن إطار العصبية، هذه الصفة المدحورة تعني قصور المعرفة وتؤدي بالمجتمعات إلى التشرذم والضياع والنزاعات وبالتالي فقدان هذا المجتمع أو ذاك لمكانته ودوره، وقد نهى عنها سيد البشرية واعتبرها عليه الصلاة والسلام من أبشع وسائل الظلم الجاهلي وأنه صلى الله عليه وسلم لم يأمر بشيء إلا وفيه فوائد عظيمة ورحمة بالبشر ولم ينه عن شيء إلا وفيه مضار لا حصر لها للإنسانية جمعاء.

ونحن عندما نتطرق إلى مضار العصبية القبلية نؤكد أن كل سكان هذه البلاد حاضرة وبادية وأهل قرى ينبذون كل الأعمال التي تؤدي إلى تفريق الصف والتي تؤثر على توحيد الأهداف والأفكار والتلاحم والتعاضد والتكاتف، وإننا عندما نجرد أقلامنا لمحاربة التعصب فلن نتطرق لأحد بعينه ولا لقبيلة معينة بل إننا ندعو المجتمع السعودي كاملاً بالوقوف ضد كل الوسائل التي من شأنها تكريس العصبية مع تقديرنا واحترامنا لكل فئات الشعب السعودي النبيل الأصيل الذي يدرك أن التفاخر بالإسلام وخدمته والذود عنه بالقول والعمل، وليعلم الجميع أن ربنا واحد وديننا واحد ونبينا واحد ووطننا واحد وهدفنا واحد وإننا نقول بصوت واحد لا للمرة الألف للعصبية.

***




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد