لم يولد عمالقة الشعر الذين نقرأ لهم اليوم بلا أخطاء أو عثرات أو إحباطات كعادة الخطوات الأولى التي تأتي متعثرة ومترددة ومرتابة وخائفة، ولو قدر لنا أن نطلع على أرشيف أحدهم لرأينا العجب العجاب، خربشات رديئة ومشاعر مضطربة وآمال أطول من أعناق الزرافات، ولا أظن أن المتنبي بحجمه يساوي - بنظرهم - هو وشعره كلمة في شطر شعرهم المهلهل.

وقد أسر لي نجم معروف أن أول قصيدة نشرت له ربما مجاملة - أخذ يتابع بعدها جميع ما ينشر في الجرائد والمجلات الخليجية ظناً منه أن أحدهم ربما سرق قصيدته العصماء!!! وهو لا يعلم ألا أحد يقبل أن تنسب إليه ولو خطأ لعدم صلتها بما يمكن أن يقبل على مضض.

وقد كان أحد الزملاء يشارك شاعراً علماً وهو يتندر على بعض محاولاته البائسة التي كان يطلعه عليها وينتقل معه من كلمة إلى كلمة وهما يحاولان أن يجدا رابطاً يجمع الكلمة بالأخرى، كما قال لي مرة شاعر آخر: أذكر أنني دفعت بمحاولاتي إلى أحد الأصدقاء والذي أضرب عن الشعر.. وقد جاء تعليقه على بعضها بعبارة: (مثل قلتها) أو(أخفها لا يدري عنها محمد عبده ويحرجك)، وللأمانة فقد كان ذلك النقد موجعاً جداً إلا أنه وقف مع نفسه موقف المصرّ على الوصول إلى بعض ما يقنع معلمه الفظ والعجيب أنه لم تمض إلا سنوات قلائل حتى أصبحت قصائد المعلم لا تجاز إلا بعد موافقة صاحبنا عليها، وهنا أقول لمن يطالب القارئ المبتدئ أن يصبح مبدعاً من أول محاولة.. خذ بيده واحتضن موهبته بأبوة صادقة، فربما أسهمت في بناء عملاق كان بالأمس القريب (القارئ المبتدئ).

وقفة..