قرأت في عدد الجزيرة الغراء 13552 تاريخ 17 من شهر ذي القعدة 1430هـ مقالة رثاء كتبها الأخ دهام بن عواد الدهام في رثاء السفير عبد الكريم السمار - رحمه الله - وهي من المقالات الجيدة والمؤثّرة إلا أنه أورد ضمن هذه المقالة الحديث الآتي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: جاءني جبريل عليه السلام فقال: يا محمد عش ما شئت فإنك ميت واحبب ما شئت فإنك مفارق واعمل ما شئت فإنك محاسب به..) وبقية الحديث (واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل وعزه امتناعه عن الناس). فهذا الحديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حسبما جاء في كتب الأحاديث الضعيفة والموضوعة ومنها كتاب الفوائد المجموعة، حيث ذكر في الصفحة الرابعة والثلاثين أن هذا الحديث رواه الخطيب عن سهل بن سعد مرفوعاً وفي إسناده محمد بن حميد كذبه أبو زرعة ورواه عن زافر بن سليمان وهو ضعيف وفي كتاب اللآلئ المصنوعة في الجزء الثاني أن هذا الحديث لا يصح.
وذكر ابن الجوزي في كتابه الموضوعات في الجزء الثاني ص 108 أن هذا الحديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بجميع طرقه التي ورد بها سواء عن طريق أبي هريرة أو طريق سهل بن سعد، وقال ابن حجر في آماليه إن هذا الحديث تفرّد به زافر بن سليمان وهو صدوق لكنه سيئ الحفظ كثير الوهم وفي إسناده محمد بن عيينة وفيه مقال والصواب أن هذا الحديث ضعيف لا كما جزم بصحته الحاكم ولا كما جزم به ابن الجوزي كونه موضوعاً وله شاهدان أحدهما عن جابر وسنده ضعيف، والثاني عن الحسن بن علي وفي سنده من لم يعرف. أخيراً فإن من أعظم المفاسد انتشار الأحاديث الضعيفة والموضوعة في زمننا هذا في كثير من الكتب التي امتلأت بها أرفف المكتبات التجارية.
محمد فهد العتيق - الرياض