Al Jazirah NewsPaper Tuesday  02/02/2010 G Issue 13641
الثلاثاء 18 صفر 1431   العدد  13641
 
الحقيقة شمس
نموذج الدوائر للسيحاني
رجاء العتيبي

 

يقال: إن النظرية تنشأ في فرنسا، وتتطور في بريطانيا، وتُسوَّق في أمريكا, وتموت في العالم العربي.. وإذا كان ذلك صحيحاً أو يشير إلى واقع معين لا يحفل بالنظرية على اعتبار أن النظرية تذوب في ثقافة المجتمع فتشوه وتحور وتقسم حسبما يؤكده مروجو هذه المقولة.

ومن جهة أخرى يؤكد أساتذة النظرية أن العالم العربي والإسلامي لم ينتج نظريات لها قيمة عالمية خلال الـ 500 سنة الماضية؛ ما يشير إلى خلل في التعاطي مع المنهجية في شتى المجالات, وتخلف علمي لا حدود له؛ ما يجعل مهمة (استقبال الآخر) لدى عالمنا العربي مهمة شائكة تتقاطع معها شتى العقد النفسية والاجتماعية والفكرية.

وفي ظل هذه الظروف الصعبة لا يفتأ باحثون من العمل الحثيث باتجاه ولادة نظرية عربية تنبع من الداخل يكون لها شأن عالمي, من بينها (نموذج الدوائر) في مجال الخدمة الاجتماعية للباحث مشعل بن صقر السيحاني من جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض, الذي أرسى تصوُّر مقترح للتدخل العلاجي في الخدمة الاجتماعية، يهدف إلى تطوير هذا المنحى باتجاه نتائج أكثر فعالية.

وتتلخص فكرة الدوائر في وضع نموذج للممارسة العلاجية واضح المعالم, يتقيد به الأخصائي الاجتماعي في التدخل المهني, ويتكون النموذج من أربع دوائر (متوالية متداخلة) تعبر كل دائرة عن بُعد من أبعاد التدخل العلاجي, وتجيء الدوائر على النحو الآتي:

دائرة النظام/ دائرة الأخصائي الاجتماعي/ دائرة العميل/ دائرة البيئة المحيطة.

حيث يؤكد (نموذج الدوائر) ضرورة استيفاء كل دائرة لمتطلباتها الفنية والإدارية واستكمال المحفزات كافة التي تجعلها بالصورة المثالية؛ الأمر الذي يتحقق معه نتائج فعالة في التعاطي العلاجي مع المشكلة. وتطرَّق النموذج إلى معايير وضوابط كل دائرة بصورة منهجية وشاملة وطريقة تنفيذها.

وعندما نحتفي هنا بهذا المبحث فإننا نحتفي بولادة نموذج علمي قابل للتطوير بعد تحكيمه وتجريبه لنكون في النهاية أمام نظرية تتمتع بصدق وثبات تستحق أن نفاخر بها أمام الملأ. وإننا عندما نشير إلى مثل هذه الأعمال البحثية فإننا نعطي شيئاً من الحق لرجال يعملون في مجال لا يوجد به إلا القلة القليلة, في وقت هرب فيه الأكثرية إلى الأضواء والشهرة والفلاشات، تاركين الأعمال البحثية لغيرهم من المجتمعات المتقدمة التي تعرف أن التحسين المستمر يأتي من البحث المستمر.

وإذا ما عرفنا أن الخدمة الاجتماعية ما زالت في طور النمو فإن هذا الجهد البحثي الذي قام به السيحاني يعطي دفعة قوية لهذا النوع من الأعمال الاجتماعية بصورتها المهنية, ويعزز مفهوم الخدمة الاجتماعية لدى أفراد المجتمع, ويؤكدها كممارسات مهنية منظمة تحدث تغييراً مقصوداً لدى الفرد، وتبني شخصيته باتجاه الإنسان الفعّال, وتقيه من المشكلات الاجتماعية المتوقعة, وتساعده بصورة فعّالة في حالة تعرض لمشكلة تعيقه عن ممارسة حياته على الوجه المطلوب.



nlp1975@gmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد