Al Jazirah NewsPaper Tuesday  02/02/2010 G Issue 13641
الثلاثاء 18 صفر 1431   العدد  13641
 
نوافذ
المناخ الملائم
أميمة الخميس

 

في بريطانيا تعمل المرأة في المصنع ما بين 12 إلى 13 ساعة كل يوم, والضيق الاقتصادي يُحتِّم على الأب العمل لنفس العدد من الساعات, ليُترك الأطفال في حضانات سيئة, فيرتفع عدد الوفيات بين الأطفال بسبب الحوادث فقط في مدينة مانشستر خلال فترة تسعة أشهر إلى 225 وفاة.

المرأة تعود إلى عملها في المصنع بعد ثلاثة أو أربعة أيام من الوضع، لتعمل مجدداً من الساعة الخامسة إلى الساعة الثامنة.. ولربما تترك الصغير في رعاية إخوة أكبر منه بسنوات ضئيلة, وتقف خلف مكينة المصنع بينما ما زال الحليب يطفر من صدرها ويلوّث ملابسها.

عذراً على هذه الافتتاحية القاتمة.. لكنها صورة منقرضة لم يعد لها من وجود, فهو مشهد يعود تاريخه إلى عام 1844, ولم يعد لها من حيز إلا في كلاسيكيات الأدب الماركسي وشعارات: (يا عمال العالم اتحدوا).

لكن هذا المشهد أيضاً يعكس مخاضاً عسراً لحقوق المرأة في نطاق العمل, قبل أن تتوصل المجتمعات المتمدنة بعد كثير من الصراعات التي استمرت سنين إلى القدرة على استثمار طاقات المرأة في نطاق العمل وفق قوانين وتشريعات دستورية تكفل لها مناخاً إيجابياً محفزاً, فهي الآن لا تعمل سوى 8 ساعات يومياً, وإن اختارت أن تزيد ساعاتها فبمقابل خارج دوام, عند الحاجة تنال إجازة وضع وأمومة مدفوعة الثمن (ينالها الأب أيضاً في بعض الدول المتحضرة), يُوفر لها في نطاق عملها حضانات لرعاية مولودها وفق أرقى الشروط والمواصفات التي تكفل لها الاستقرار النفسي والاطمئنان على سلامة طفلها.

طبعاً دخول المرأة إلى سوق العمل واقترابها من مواطن صناعة القرار خلق مناخاً إيجابياً يراعي ظروفها البيولوجية كحافظة للنوع, ويحفظ إنسانيتها وطموحاتها ورغبتها في التميُّز والتفوق على مستوى الجماعة.

وعلى الرغم من أن معظم النساء في بريطانيا لم ينلن حق الاقتراع سوى في مطالع القرن العشرين.. إلا أن خروجهن الباكر للعمل جعل منهن قوة داعمة للاقتصاد, وبالتالي قادرة على التأثير في التشريعات البرلمانية.

على المستوى المحلي فعلى حد علمي يُوجد بند في قانون العمل والعمال يُحتّم على صاحب المنشأة التي يتجاوز عدد النساء العاملات بها 50 امرأة أن يُنشئ حضانة قادرة على رعاية أطفال العاملات, ولكن إلى الآن لا أدري عن مدى تفعيل هذا القرار على أرض الواقع, فغالبية الأطفال في سن ما قبل المدرسة يُتركون في رعاية غير موثوقة, في ظل غياب بنية تحتية مجهزة بمواصفات جودة عالية للعناية بأطفال المرأة العاملة.

الإشكالية هنا تظهر مع غياب المرأة عن المجالس التشريعية التي تُسهم في صناعة القرار وإيصاله إلى الميدان, فوجودها في مجلس الشورى ما برح استشارياً أي (صورياً).. فتظل غير قادر على بلورة نهائية للقرار, وتلك قضية أخرى تحتاج أن أفرد لها مقالاً آخر.. بل مقالات.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد