Al Jazirah NewsPaper Sunday  07/02/2010 G Issue 13646
الأحد 23 صفر 1431   العدد  13646
 

دفق قلم
الجناح السعودي في معرض القاهرة
عبدالرحمن بن صالح العشماوي

 

لا يمكن أن تكون الرحلة إلى مصر إلا رحلة مميزة؛ لأنَّ مصر أرض مميزة، فإذا كانت الرحلة إليها ثقافية أدبية علمية كان التميُّز أظهر وأكبر؛ لأنَّ دائرة الخطاب والتلقِّي أوسع وأشمل، أما إذا كانت (الملحقية الثقافية) في سفارتنا في القاهرة (سفارة المملكة العربية السعودية) هي الداعية المنظِّمة للقاء الثقافي الأدبي؛ فإنَّ صورة التميُّز تصبح أكثر عمقاً وبروزاً.

هذا ما لمسته حينما عشت تلك الساعات المتميزة في الجناح السعودي في معرض الكتاب الدولي في القاهرة؛ حيث أتاحت لي الملحقية الثقافية اللقاء بجماهير الأدب العربي في أرض الكنانة، لقاءً أشعرني بالمكانة الكبيرة التي تحتلُّها الكلمة الأدبية المعبِّرة عن عقيدة الأمة الإسلامية وضميرها وقضاياها وآلامها وآمالها في نفوس المسلمين. لقد غبت عن معرض الكتاب الدولي في القاهرة سنواتٍ طويلة امتدتْ من عام 1411هـ إلى عام 1431هـ، وهو غياب أتاح لي أن أعيش معنى (الدهشة) لما وجدت من الفرق الهائل بين القاهرة الماضية والقاهرة الحاضرة، من حيث الاتساع الهائل، والتطور العمراني الكبير، ومن حيث التغير الاجتماعي المذهل، والتطور الثقافي المثير، وهي قضايا مهمة سأطرح رأيي فيها في مقالة قادمة حتى لا أخرج عن عنوان هذه المقالة (الجناح السعودي).

الأستاذ (محمد العقيل) الملحق التعليمي الثقافي في سفارة المملكة في القاهرة أنموذج متميِّز في تمثيل بلاده تمثيلاً يليق بمكانتها الدينية والعلمية والسياسية والأدبية؛ لأنَّه لا يعرف معنى لضيق الأفق، ولا للتردُّد الذي يثبِّط صاحبه، ولأنه يملك من وضوح الرؤية والهدف ما يجعل صورة بلاده واضحة الوضوح كلَّه في ذهنه؛ فهو - بذلك - لا يجد صعوبة في نقل هذه الصورة بوضوح قوي إلى الآخرين. ومع الأستاذ محمد ثُلَّة من الرجال السعوديين الذين يرفعون في أجواء معرض الكتاب الدولي في القاهرة لافتة بارزة الألوان والملامح.

لقد أصرَّ الأستاذ محمد أن تقام أمسيتي الشعرية في القاعة المخصصة في الجناح السعودي للمحاضرات بالرغم من وجود ما يشبه الإلحاح من بعض الأدباء المصريين على إقامتها في قاعة المعرض العامة، وقد اتصل بي عدد من الأدباء، وزارني بعضهم طالبين أن تكون الأمسية في قاعة المعرض التي هي أوسع من قاعة الجناح السعودي، كما أخبرني الأستاذ محمد بأنَّ هناك مَنْ طالب بهذا، ولكنَّه - وفقه الله - أبى إلا أن تكون قاعة الجناح هي مقرَّ الأمسية، وقد وافقته على ذلك كلَّ الموافقة دون تردد؛ لأنني لمست من حرصه على ذلك ما أشعرني بأنَّه يؤدي رسالة محددة المعالم، مضيئة مشرقة - جزاه الله خيراً -.

لقد شعرت بالرسالة الجميلة ووضوحها منذ أن دخلت إلى الجناح الخاص بالمملكة في معرض الكتاب، ورأيت تزاحم الزوَّار على هذا الجناح، وما فيه من الحيوية والحركة والنظام، ورأيت الصالون العلمي الأدبي الذي يقع في واجهة الجناح، وهو صالون مفتوح تجري فيه حوارات علمية مختلفة تلفت نظر الزوَّار فيتفاعلون معها. وحينما وصلت إلى قاعة المحاضرات في الجناح بعد صراعٍ طويلٍ مع زحام شوارع القاهرة التي تلتهم الوقت التهاماً، ولا ترعى لمواعيد الناس مكانة، ولا تحفظ لنفسياتهم عهداً.. كانت القاعة مشحونة بالحضور، وكان عدد الواقفين منهم خارج القاعة كبيراً، ولكنَّ مكبرات الصوت خارج القاعة توصل إلى الناس صوت المتحدث بصورة واضحة.

جناح سعودي ممتاز، يؤدي رسالة واضحة، يضم عدداً من أجنحة الدوائر الحكومية ذات العلاقة بالنشر والتأليف، وعدداً من دور النشر السعودية التي تحظى باهتمام زوَّار المعرض.

قدمني د. عبدالله الزهراني الذي استطاع أن يثير ذكريات الطفولة والصِّبا في مسقط الرأس في منطقة الباحة، واستقبل ما ألقيت من الشعر جمهور متذوِّق متابع متفاعل، وقد زادني سروراً أنني رأيت عدداً من مثقفي المملكة ورجالها الفضلاء في مقدمة الجمهور، وفي مقدمتهم معالي د. محمد العقلا مدير الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، وقد علمت أنَّ له محاضرة في هذه القاعة.تحية للجناح السعودي الذي يحلِّق بجناحي الأصالة والرُّوح الوطنية الصافية في معرض الكتاب الدولي في القاهرة.

إشارة :

هو الحب يا مصر إيقاعه

جميل وأنفاسُه أجملُ


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد