Al Jazirah NewsPaper Tuesday  09/02/2010 G Issue 13648
الثلاثاء 25 صفر 1431   العدد  13648
 
الحقيقة شمس
العودة والتخلص من الأتباع
رجاء العتيبي

 

نجح الشيخ سلمان العودة في السنوات الأخيرة من التخلص من الأتباع بصورة (إعجازية) بعد أن كان محكوماً بهم ومحكومين به، وهي مرحلة فاصلة في التاريخ الشخصي للشيخ العودة، وفي الوقت الذي يحصد فيه الشيخ العودة نجاحات كبرى من خلال استقلال الرأي وقول ما يريده هو لا ما يريدونه هم، نرى في الجانب الآخر من بدأ يتحرك داخل (ملعب الأتباع) مشكلاً رأس حربة لهم يدفعونه في كل خصومه لهم مع الآخر.

فالشيخ العودة تغير فعلاً، ولكن تغير باتجاه الأفضل، أصبح مستقلاً بلا أتباع، أصبح يقول ما يرى أنه صحيح، أصبح يحترم من يختلف معهم، تخلص من الخصومات مع الآخر، تنوع في خطابه الديني، تعلم أن يكون إيجابياً، أصبح يتحدث لعموم المسلمين، وليس لفئة معينة من الناس، لا يهمه أن يكون رمزاً لحزب معين محدود النطاق، بقدر ما يكون تنويرياً يبشر بقيم الدين الإسلامي لكل أصقاع الأرض، لا يقصي ولا يصنف ولا يسب ولا يشتم، بقدر ما يتحدث بالحكمة والموعظة الحسنة.

فيما لا يعلم بعض الدعاة من الجيل الجديد خطورة الأتباع في تحركاتهم عبر مناطق الرأي والتوجيه والفتوى، وأكبر خطورة يتعرض لها أحدهم أن أتباعه يضعونه رمزاً حزبياً، قد يعلم ذلك ويسعى إليه، وقد يتورط بذلك دون أن يعلم، بصورة يصبح فيها مكبر صوت لهم.

الأتباع حمل كبير لا يطاق، يزداد ثقله مع مرور الزمن، وهذا ما وعاه جيداً الشيخ سلمان العودة، حيث قال: «الجمهور الذي يصفق لك لكي تقول ما يريد هو جمهور لا يحترمك في الحقيقة إنما يحترم نفسه، ويعدك بوقاً له، فإذا لم يمنحك حق الاختلاف معه فلا تعتبره ضمن جمهورك».

المأساة الكبرى ليس في الرمز الحزبي وأتباعه فسحب، وإنما في (التابع) الذي ترك الاهتمام بنفسه وتطوير قدراته وتكوين عالمه الخاص، وذهب يسخر كل كيانه تحت تصرف (رمز) معين ينافح عنه، وكأن هذا التابع خلق بلا إرادة وطموح وحاجات، أو أن لها أسرة تعول عليه الشيء الكثير.

معضلة (الرمز والأتباع) ما زالت حاضرة في مشهدنا الفكري بقوة، لدرجة أنها قسمت المجتمع إلى (نحن وهم)، بصورة حدية، لدرجة تأثيرها السلبي المتوقع على الوحدة الوطنية، وبالشكل الذي تقوض مشروع الوطن إن هي أخذت أبعاداً أكثر مما عليه الآن.



nlp1975@gmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد