Al Jazirah NewsPaper Tuesday  09/02/2010 G Issue 13648
الثلاثاء 25 صفر 1431   العدد  13648
 
صديق غالٍ فاضل فقدناه
د. فهد بن عبدالرحمن السويدان

 

(لا حول ولا قوة إلا بالله) أنت خلقتنا ولك محيانا وإليك مماتنا لا راد لقضائك وقدرك يا رب العالمين. فقد انتقل إلى رحمة الله تعالى فضيلة الشيخ الدكتور علي بن عبد الرحمن الربيعة قاضي استئناف بالدائرة الثانية بمحكمة الاستئناف بالرياض بديوان المظالم رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.

إن من سنن الله عزَّ وجلَّ أن هذه الحياة لا تدوم ولا تصفو لأحد مهما كان، يتقلّب المرء بين أفراحها وأحزانها، يذوق من حلوها ومرها، والسعيد من وطّن نفسه لذلك وأدرك أن لا عيش هنيئاً إلا عيش الحياة الآخرة.

والمصائب يبتلي الله بها جميع البشر امتحاناً وابتلاءً على صبرهم، فهنيئاً للصابرين {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إذا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إليه رَاجِعونَ}.

الموت حق وهذه سنَّة الله في خلقه، ولكن فقدان الأحبة والكبار والعظام له تأثير كبير على النفس، ونحن قد افتقدنا فضيلة الشيخ الدكتور علي بن عبد الرحمن الربيعة نعم الموت حق، والنفس المطمئنة ترجع إلى ربها راضية مرضية مطمئنة بإذن الله.

إن الموت حق وكلنا سائرون في هذا الدرب ولكن خير البشر منا من تبقى ذكراه خالدة بأفعاله وأعماله الصالحة الخيّرة وهكذا كان فضيلة الشيخ علي طيب الله ثراه.

فالحديث عن خصاله ومحاسنه وسماته ومزايا ه يعجز عنها اللسان ففقيدنا الراحل العزيز الغالي يحتاج إلى صفحات كثيرة لذكرها، ولكن نكتفي ببعض منها لأفعاله وأعماله الخيّرة النبيلة فإن ذلك هو الدليل الدافع له لحبه لفعل الخير وبذل المعروف والمكانة التي كان يتمتع بها طوال حياته رحمه الله رحمة واسعة.

لقد شهد لهذا الإنسان البعيدون قبل القريبين بالمواقف الإنسانية النبيلة التي خلفها وراءه.. أقول: إننا فقدنا صديقاً فاضلاً عزيزاً عطوفاً شفوقاً بشوشاً باراً لا يعوّض، وفقدنا إنساناً قلّ أن يجود الزمان بمثله.. إنني مهما قلت وكتبت عن الشيخ علي فلن أوفيه جزءاً يسيراً من حقه، إنه رمز للوفاء والشهامة والكرم ونبراس لمساعدة الفقراء والمساكين والمحتاجين وحبيب مقرّب من الناس وعاشق لأعمال الخير لا يبحث عن سمعة أو رياء يعمل الخير ولا يريد إلا جزاء رب العالمين. باختصار رجل متواضع مهيب في نبل رفيع بشوش لا يطلبه أي إنسان في شيء إلا وتجده ملبياً له دون انتظار لشكر أو مديح.كان وفياً أميناً حنوناً كريماً لمن يأتي إليه.

عاش حياته في بيت صلاحاً وتقى وعبادة وكرماً وكان إنساناً شهماً متواضعاً لطيفاً ابناً وأخاً للكبير وأبا للصغير.. صديقاً للجميع طيّب المعشر ليّن الجانب كيّس فطن، صاحب حنكة وبصيرة ثاقبة لا يمل مجلسه وحديثه بيته وقلبه وأذنه ومكتبه مفتوحة للجميع من حبه للناس وحب الناس له وحبه لتواصل صلة الرحم.. يتألم لما يؤلم الناس ويفرح لهم بما يفرحهم محل ثقة وتقدير من الجميع ومن يعرفونه كان ينصح بنصح المحب ومحبة الناصح.

وهو الرجل الذي أود أن أسطر بعض كلمات الوفاء والعرفان بحقه ولا أظنها ستفي فهي ليست إلا جهد المقل العاجز، إنه ذلك الصديق الذي عرفته دائماً حكيماً كبير الهمة صريحاً صدوقاً لم تغيّره الأيام والليالي والمناصب ولم تنل من همته السنون، بل هو في الواقع من زيّنها بعطائه وحكمته ووفائه ولطفه ودماثة أخلاقه وتفانيه وإخلاصه وبشاشته، إنه الصديق الذي أجزم أن كل من عرفه - حتى ولو لبعض الوقت - يتفق معي أنه قد تملّك فيه جانباً من مودة خالصة وإعجاباً عميقاً، بالطبع كثير هم أولئك الرجال الذين نلتقيهم في مراحل حياتنا ونعايشهم ولكن قليل هم أولئك الذين يتركون في أنفسنا أثر الوفاء والحب العميق بحيث يبقى وجودهم فينا راسخاً نتعايش معهم في تجاربهم وحكمتهم ورؤيتهم الثاقبة...

نعزي فيه أنفسنا ومن فقده ممن أحبوه وأحبهم وجميع أسرة آل الربيعة وأخص بالعزاء شقيقه فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور عبد العزيز الربيعة وجميع أولاده وأفراد أسرته ومحبيه وأصدقائه وزملائه وجيرانه، سائلين الله أن يلهم الجميع الصبر والسلوان ويرحمه الله رحمة واسعة ويرفع درجاته يوم يلقى ربه وأن يسكننا وإياه وجميع المسلمين دار كرامته {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إليه رَاجِعونَ}. وإنّا على فراقك يا أبا صالح لمحزونون.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد