Al Jazirah NewsPaper Wednesday  10/02/2010 G Issue 13649
الاربعاء 26 صفر 1431   العدد  13649
 
عيناي تدمعان.. تاريخ تكتبه العيون بمداد الدموع!
محمد بن عيسى الكنعان

 

تلقيت قبل فترة إهداءً كريماً من الأستاذ خالد بن حمد المالك رئيس تحرير صحيفة (الجزيرة) المتألقة، وكان عبارة عن نسخة من كتابه الرثائي (عيناي تدمعان)، الذي كُتب من خفقات قلبٍ مفجوع بمداد سواخن الدموع..

.. اللامعة في محاجر عيون باكية ومحبة ل(شخصيات وطنية وعربية) راقية في مكانتها، عظيمة في أعمالها، جليلة في ذكرها، شخصيات ارتقت أرواحها (الطاهرة إن شاء الله) إلى بارئها بانتقالها إلى أول منازل الآخرة بعد أن غيبها الموت عن مسرح الحياة، لكنها باقية معنا بذكرها الطيب وتعيش في قلوبنا بوشائج الحب الذي لا ينقطع عن تذكارها.

لذلك فالمتصفح لهذا الكتاب سيجد أنه (نعي خاص) غير تقليدي، فليس كتاباً أدبياً يموج بنصوص النثر البكائية أو أبيات الشعر الرثائية، وكأنه مقطوع الصلة بالواقع، أو كأن المشاعر في صفحاته منسوخة من بطون الأدب وأدبيات الرثاء العربي، كما أنه ليس كتاباً تاريخياً في جانب السير الذاتية ورصد الأحداث الحياتية، رغم أنه يُطلعك على جنبات مضيئة من سير أصحاب الوجوه الوضيئة (نحسبهم كذلك والله حسيبهم)، ولكن هي رحلة الإحساس الصادق على مركب المشاعر الإنسانية التي أبحر بها الأستاذ المالك من شواطئ (الجزيرة) إلى فضاء الكلمة الإعلامية، وبذلك هو يُعيدك إلى واقع مختلف قد تكون ممن لم يعيشه أو يتعرف على تفاصيله، بل ويقف معك على ناصية الحقيقة حول شخصيات عامة وخاصة تعرفها وتسمع عنها لكن لم تلتق بها وربما كنت تتمنى فعلياً أن تحظى بشرف السلام عليها.

غير أن هذه الإعادة الزمنية على وريقات كتاب المالك الذي تنبض في ثناياه المشاعر الصادقة، المتلفحة بالعبارات المكلومة والكلمات الحزينة، ليست إعادة بطريقة السرد المملة أو الحديث المقولب في نمطية استعراض مواقف شخصية أو أحداث وطنية قد تستطيع أن تستمدها من أقبية (الإنترنت) أو من أرشيف الصحافة عن تلك الشخصيات المرثية، إنما هي إعادة وجدانية تلامس تجاويف قلبك وتخاطب صحائف ذهنك، عندما تضعك في أجواء حياتية متنوعة في طبيعة العلاقات الإنسانية والروابط الاجتماعية التي دارت على واقعها، كصورة فجيعة الأب الحزين بابنه الفقيد، أو أبعاد ولاء المواطن الصادق لمليكه الشهيد، أو حسرة الأخ على أخيه الشقيق، أو نظرة الكاتب إلى الإنسان سواءً كان زعيماً عربياً أو صديقاً وفياً وغيرهما.. تلك الأجواء لم تكن ملبدة بأجواء الحزن الأسود -فقط- كما يعتقد كل من يلتقط عنوان الكتاب أو يتصفح وريقاته على عجل، إنما كانت تعبيراً صادقاً عن قيمة الإنسان لدى الإنسان، خاصةً مع لوعة الفراق ومرارة الرحيل الأبدي، لكنها في ذات الوقت تأكيد على إيمان الإنسان المسلم بقضاء الله وقدره، وهنا تكمن القيمة الفعلية لهذا الكتاب الذي يحكي رحيل الأحبة وذكر مناقبهم في مقابل التسليم والرضا بأمر الله وتدبيره على فقدهم، لذلك يمكن القول أن الكتاب جاء مواساة مكلوم وتسلية نفس ووصية ناصحة لكل من فقد حبيباً، كما أنه شهادة خير لتلك الشخصيات المذكورة بين دفتيه، و(الناس شهداء على مواتهم)، رحم الله موتانا وموتى جميع المسلمين.



Kanaan999@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد