Al Jazirah NewsPaper Monday  15/02/2010 G Issue 13654
الأثنين 01 ربيع الأول 1431   العدد  13654
 
الحل الآن في قبرص
بان كي مون -نيويورك

 

كان شارع ليدرا في قلب نيقوسيا رمزاً لقبرص المقسمة طيلة أربعة عقود من الزمان. ومنذ عامين تقريباً تم فتح الجدار الذي قسم العاصمة إلى شمال وجنوب. وببطء بدأ الناس الذين لم يختلطوا طيلة 44 عاماً في تجديد الروابط فيما بينهم وإعادة اكتشاف بعضهم بعضاً. وكان ذلك بمثابة النافذة على ما قد يحمله المستقبل لهم.

في الأسبوع الماضي قمت بزيارة معبر شارع ليدرا. ورسمياً، كنت هناك لتدشين خطة إعادة تعمير المباني التي كانت في حاجة إلى إعادة الترميم في المنطقة العازلة، وبشكل شخصي كنت أريد أن أرى بنفسي الجدار الذي فصل بين القبارصة اليونانيين والقبارصة الأتراك لمدة طويلة من الزمن. وبينما كنت أسير في الشارع تجمهر الناس من الطائفتين من حولي وبدؤوا ينشدون «الحل الآن! الحل الآن!».

وباعتباري مواطناً كورياً فأنا أعي جيداً الآلام الناجمة عن الوطن المقسم. وأنا أدرك أيضاً مدى صعوبة تحقيق المصالحة. ولهذا السبب ذهبت إلى قبرص لإظهار دعمي الشخصي للجهود الرامية إلى إعادة توحيد الجزيرة، والضغط من أجل تحقيق المزيد من التقدم.إن قبرص تمر بمنعطف حاسم. والواقع أن زعيم القبارصة اليونانيين ديميتريس خريستوفياس، ونظيره زعيم القبارصة الأتراك محمد علي طلعت، يبذلان قصارى جهدهما من أجل التوصل إلى اتفاق. ولكن تحقيق هذه الغاية لن يتسنى من دون دفعة أخرى منسقة.إن الأمم المتحدة موجودة في قبرص من أجل تقديم أعظم قدر ممكن من المساعدة. ولقد عملت قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة على مراقبة الأوضاع هناك لأكثر من 45 عاماً. كما يعمل مبعوثي الخاص ألكسندر داونر على تيسير المفاوضات بين الطرفين.

لقد شاركت في مناقشات مطولة مع كلٍ من الزعيمين مع كل منهما على حدة ومع الاثنين معاً وقلت لهما إن مصير قبرص أصبح بين أيديهما. وفي اعتقادي أن التوصل إلى حل بات في متناول اليد.

فأولاً، هناك التزام مشترك قوي بين خريستوفياس وطلعت. ولقد التقيا أكثر من سبعين مرة على مدى الأشهر الستة عشر الماضية، بما في ذلك أسبوعان من المحادثات المكثفة التي سبقت زيارتي مباشرة.

وثانياً، بدأ المفاوضون في التوصل إلى أرضية مشتركة. وأثناء وجودي هناك عمل الزعيمان على توحيد جهودهما في تسليط الضوء على التقدم الذي أحرزاه بالفعل فيما يتصل بقضايا حاسمة مثل الحكم وتقاسم السلطة.

والسبب الثالث من أسباب التفاؤل أن كلاً من الطرفين ملتزم بالبقاء على طاولة المفاوضات. وكما قال الزعيمان فإن الوقت ليس في مصلحة التسوية. ولهذا السبب قررا الالتزام بالاستمرار في المحادثات، بدلاً من الانتظار حتى الانتخابات القادمة في الشمال في شهر إبريل نيسان.

وأخيراً سنجد أن اليونان وتركيا الجهتين الفاعلتين الإقليميتين الرئيسيتين حريصتان على دعم المحادثات الحالية وراغبتان في المساعدة في التوصل إلى حل.

لا شك أن البناء على هذا الزخم يعد أمراً بالغ الأهمية. ولا أحد قد يتوهم أن أياً من هذا سوف يكون سهلاً. لم تكن مفاوضات السلام بالمهمة اليسيرة على الإطلاق. والواقع أن القضايا التي ينطوي عليها الأمر بالغة التعقيد وتشكل جزءاً لا يتجزأ من تاريخ مضطرب. ولن يخلو الأمر من المتشككين والمنتقدين مع كل خطوة على الطريق، هذا فضلاً عن هؤلاء الساعين إلى عرقلة العملية أو إخراجها عن مسارها من أجل تحقيق مصالحهم وأجندتهم الشخصية.

وسوف يتطلب الأمر قدراً عظيماً من الشجاعة والاقتناع من جانب زعماء الطرفين في تنفيذ ما يعرفون أنه الصواب. وأي اتفاق لابد أن يتم من خلال استفتاء في كل من المجتمعين القبرصي اليوناني والقبرصي التركي. وعلى الرغم من ذلك فمن الواضح أن التوصل إلى حل للمشكلة القبرصية سوف يصب بلا أدنى شك في مصلحة الناس في الجزيرة بشمالها وجنوبها.

إن التوصل إلى تسوية لهذه القضية من شأنه أيضاً أن يبث رسالة إلى العالم مفادها أن النزاعات قابلة للحل مهما طال أمدها، كما هي الحال في قبرص. لهذا السبب، وعلى الرغم من كل العقبات، فإن المفاوضين لابد أن يثابروا على الطريق إلى السلام. ولابد أن يكون النداء الذي أطلقه الناس في شارع ليدرا مسموعاً. ففي قبرص حان الوقت من أجل «الحل الآن».

بان كي مون الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة.
حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2010.
www.project-syndicate.org
خاص (الجزيرة)





 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد