Al Jazirah NewsPaper Monday  15/02/2010 G Issue 13654
الأثنين 01 ربيع الأول 1431   العدد  13654
 

وترجل فارس الدبلوماسية
عبدالله الشمري

 

صباح الثلاثاء الماضي كان حال الكثير من الإخوان والأصدقاء وزملاء الفقيد كحال أبي الطيب المتنبي مع اختلاف الزمان والمكان والحدث عندما قال:

طوى الجزيرة حتى جاءني خبر

فزعت فيه بآمالي إلى الكذب

حتى إذا لم يدع لي صدقه كذب

شرقت بالدمع حتى كاد يشرق بي

نعم شرقنا بالدمع تأثرا وحبا ووفاء للصديق والأخ والزميل سعادة السفير فواز بن مشل التمياط سفير خادم الحرمين الشريفين في جمهورية مالي الذي وافته المنية على بعد خطوات من مكتبه وهو يستعد لعمل يوم جديد في مكتبه وكله هم وعزيمة لخدمة بلده وتطوير العلاقات الثنائية وخدمة الشعب المالي الحبيب إلى قلبه.

بدأ السفير فواز التمياط حياته في طلعة (التمياط) شمال المملكة متربياً على الفروسية والقيم والعادات العربية الأصيلة من صدق وكرم وإباء لينتقل بعدها إلى الرياض دارسا المرحلة الثانوية ثم طالبا بجامعة الملك سعود دارسا للعلوم السياسية ومختارا شرف الخدمة الدبلوماسية، وكأنه ينتظر انتقال وزارة الخارجية من جدة للرياض عام 1405هـ ليكون من أوائل الموظفين الذين يبدأون عملهم في المبنى الجديد بالرياض.

بدأ وظيفته دارساً في مرحلة الدبلوم الدبلوماسي التي تؤهل الدبلوماسيين للعمل في الخارج متسلحا بالعلوم السياسية والقانونية والاقتصادية واللغات ومهارات البرتوكول ليبدأ بعد ذلك أول خدماته خارج الوطن في القنصلية العامة بمدينة نيويورك ما يقارب السنوات الأربع، ثم يعود للوزارة عامين ليبدأ العام 1997م عمله رئيسا للقسم القنصلي في السفارة السعودية بأنقرة بالإضافة إلى تكليفه بإدارة الملحقية التجارية...

لقد زاملته أربع سنوات أثناء عمله في أنقرة كان السفير التمياط مثالا للصدق والنزاهة والتسامح والكرم، كان أبو سطام ترياقا لكل نازلة ومؤنسا في الغربة وناصحا أمينا عند الحاجة.. كان يجمع ولا يفرق وكان يعطي ولا يأخذ.. لا تكاد تفارقه الابتسامة حتى في أحلك الظروف.

وبعد أنقره انتقل للعمل في القنصلية بالإسكندرية بجمهورية مصر الشقيقة ما يقارب السنوات الثلاث ونصف ليعود للعمل في الشعبة الاقتصادية كنائب لرئيس المساعدات الخارجية. وفي 1 يناير 2008م يتم تعيينه سفيراً لخادم الحرمين الشريفين في جمهورية مالي ليبدأ مرحلة جديدة وصعبة في دولة لها ظروفها الاقتصادية الخاصة ورغم ذلك كان يعمل بجد ونشاط وهمة لا تعرف الكلل.

في مقابلة له مع مجلة الدبلوماسي في سبتمبر 2008م ذكر أن وصية وزير الخارجية صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل له وهو يودعه هي الاهتمام بمراعاة الانتماء الديني والحضاري للشعب المالي الذي يكافح من أجل التنمية والاستقرار. لقد وضع السفير التمياط نصب عينيه تطوير العلاقات الثنائية وكانت أمنيته رحمه الله أن ينجح في دفع العلاقات وصولا لترتيب زيارة الرئيس المالي للمملكة في أسرع وقت ولكن الأجل كان أسرع..

الشعب والقيادة في (باماكو) بادلوا السفير التمياط الحب بالحب والوفاء بالوفاء فرغم وصول الطائرة التي أمرت بها القيادة الكريمة لنقل جثمانه إلى مسقط رأسه (رفحاء) إلا أن رئيس جمهورية مالي السيد امادو توماني توري وفي لفتة مؤثرة أصر يوم الأربعاء الماضي إلا أن يقيم حفل تأبين للسفير الفقيد بحضور دولة رئيس الوزراء والوزراء وأعضاء السلك الدبلوماسي حيث قام فخامته بإعلان منح وسام ضابط النظام الوطني للسفير الفقيد وسلمه لسعادة القائم بالأعمال السعودي بالإنابة ضاربا بذلك مثلا يحتذى به بتكريم من يستحق التكريم حياً وميتاً..

خالص التعازي لأبنائه وإخوانه وعائلته ولكافة محبيه... رحمك الله فارس الدبلوماسية وغفر لك.. كنت نعم الأخ والزميل والمسئول... رحلت بهدوء وبشرف كما كنت دائماً.. رحمك الله يا أبا سطام.

مستشار بوزارة الثقافة والإعلام


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد