Al Jazirah NewsPaper Tuesday  16/02/2010 G Issue 13655
الثلاثاء 02 ربيع الأول 1431   العدد  13655
 
المنشود
قيادة المرأة للسيارة والارتياب!
رقية سليمان الهويريني

 

ظهرت توجسات د. إبراهيم الحمود جليّة في رده على مقالي (قيادة المرأة للسيارة والتوجسات) وسفّه المقارنة بين بدايات تعليم المرأة وقيادتها للسيارة بحسب تبريره (أن مصلحة التعليم راجحة عند أصحاب العقول الراجحة، وتوقف وتأخر البعض عن إلحاق البنات في المدارس كان بسبب عدم قناعتهم لقلة الثقافة والتفتح آنذاك، ولكنهم تسابقوا عليه وشتان بين مصلحة التعليم ومصلحة قيادة المرأة للسيارة).

وربما نسي الدكتور أن المشايخ كانوا من أشد المعارضين لتعليم الفتاة بدعوى الإفساد، تماماً كنظرته الحالية بالتقليل من أهمية قيادة المرأة للسيارة وتضخيم دور السائق بقوله: (هل ستقوم المرأة بكل ما يقوم به السائق الأجنبي في المنزل حتى يستغنى عنه، فله التزامات أخرى لا تخفى(!!) وسيبقى خاصاً بالمراهقين والمراهقات اللاتي لا يسمح لهن بالقيادة) وأرجو أن تسعف الذاكرة الدكتور إبراهيم حين كان المشايخ أيضاً يرفضون وجود السائق ويحرمون ركوب المرأة معه بدعوى الخلوة، ثم إن الأم الآن توصل أبناءها لمدارسهم برفقة السائق حيث لا تسمح بعض الأسر بانفراده بالمراهقات. وأستغرب من الشيخ تساهله في انفراده بالركوب مع المراهقات اللاتي لا يسمح لهن بالقيادة. وحين تقود الأم السيارة ستقوم ذاتها بتوصيل أبنائها وسيتم استثمار المقاعد الأمامية!

وبرغم أن تخصص الشيخ شرعيٌ يدعو للتوكل على الله إلا أنه بات يخوّف المرأة من الحوادث بقوله: (لو كل امرأة ترغب في قيادة السيارة بحثت وسألت عن مخاطر القيادة والمواقف المحزنة لقائد السيارة الذي يكون مقعده في الواجهة فضلاً عن المخاطر الاجتماعية والسلوكية، ولو أعادت المرأة النظر في ذلك لغيرت رأيها) وكأن المرأة بمعزل عن تلك الحوادث، ولو قرأ الشيخ عن حوادث نقل المعلمات لأدرك أن الحوادث هي أقدار، بل إن المرأة في الدول الأخرى أقل تسبباً للحوادث كونها أكثر خوفاً وأشد حذراً! ولم أفهم ماذا يقصد بالمخاطر السلوكية والاجتماعية! حيث اقترنت أيضاً ببدايات تعليم المرأة، وكذلك في بداية استقدام سائقين للمنازل. رغم أن السلوك ليس له علاقة بالقيادة إطلاقاً!

ولم ينس الدكتور أن يبدي وجهة نظره الشخصية وليست تغليب المصلحة العامة حيث يقول: (في نظري الخاص أن قيادة السيارة لا تناسب طبيعة المرأة وما جبلت عليه(!!) فهي مهنة للرجال(!!) ووجود السائق لدى كثير من الأسر من باب الحاجة وارتكاب أخف المفسدتين) وهنا يكون الشيخ قد حدد قيادة المرأة للسيارة بأنها مفسدة! بعد أن عرّفها اصطلاحاً وشرعاً بأنها (مهنة للرجال) برغم أنها ضرورة؛ حيث لم تطالب الكاتبة بعمل المرأة سائقة لدى الأسر السعودية، تسكن ملحقاً له بابان؛ صغير يفتح على الشارع وآخر كبير يفتح على المنزل لكي تقوم بغسل فنائهم وتنظيف سياراتهم ووضع نفاياتهم في الحاويات.

ختم الأستاذ المشارك في المعهد العالي للقضاء كلامه بقوله: (غاب عن ذهن الكاتبة أنه حتى لو قادت المرأة السيارة فالسائق (الأجنبي) موجود في الشركات والمنازل لقضاء الحاجات، والمطاعم لتوصيل الطلبات وغير ذلك كثير، فلو أنها قالت يقل عدد السائقين الأجانب بنسبة 02% لكان كلاماً معقولاً ويتفق مع الواقع، ولكن جاءت بهذه المبالغة من أجل الانتصار لرأيها). وكأنه لم ينتصر لرأيه حين أغفل مخاطر السائقين الأجانب على الأسرة والمجتمع! بل أكد في أكثر من موضع استحالة الاستغناء عنهم دون النظر لحاجة المرأة، وكأنه بمعزل عن أحوال الناس وظروفهم حين جزم أنه يوجد في كل بيت أب أو أخ أو زوج أو ابن يمكن الاعتماد عليه! ولسان حاله يقول (فكونا!) وطبعاً لم يضع في حسبانه تكاليف السائق الاقتصادية الباهظة.

ورغم ذلك فالكاتبة تجزم أن قيادة المرأة للسيارة قادمة بحول الله وفي عهد مليكنا الحكيم ذي النظرة الثاقبة، بعيداً عن مصطلحات الإفساد والخطأ والتوجسات والريبة والانتقاص، وسنقضي على جميع السائقين الأجانب، فهم راحلون حتماً، حيث سيتخذ أبناؤنا مكانهم.

وكنت أرجو انشغال القضاة بحل مشاكل الناس الشرعية، وترك المشاكل المدنية للمحاكم الإدارية!

www.rogaia.net


rogaia143@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد