Al Jazirah NewsPaper Tuesday  16/02/2010 G Issue 13655
الثلاثاء 02 ربيع الأول 1431   العدد  13655
 
هذرلوجيا
حدائق الخلاء الطلق
سليمان الفليح

 

قبل قيام هذه الوحدة المباركة التي حققها الموحد والمؤسس العظيم عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل- طيب الله ثراه- كان لكل قبيلة من قبائلنا العزيزة حماها الخاص (أي مراعيها وموارد المياه التي تقع ضمن نطاق هذا الحمى) والتي لا تسمح لأي قبيلة أخرى أن تشاركها هذا الحمى إلا بموافقة خاصة من شيخ القبيلة بل ونظير ضريبة خاصة تسمى (الرتاعة) ولمدة محددة وفي هذه الحالة إما أن تقبل القبيلة الطارئة هذه الضريبة أو أن تحتل حمى القبيلة المقيمة - بالقوة - وتجبرها على النزوح من حماها ويصبح هذا الحمى ملكاً لها ما دامت مسيطرة عليه وإلى أن تأتي قبيلة أقوى منها تعيد الكرة عليها مثلما فعلت بالقبيلة الأولى أو أن تتفق القبيلتان على الاشتراك في الحمى إذا أخصبت أراضي إحدى القبيلتين بالتبادل وحسب مواسم الخصب في أرض كل منهما. أما في نطاق القبيلة الواحدة فإن كل عشائرها تستفيد من الحمى العام للقبيلة وقد تتفق عشيرتان في مواسم الربيع على إخلاء منطقة معينة تعود لأحدهما وتعتبر محمية ممنوعة من الرعي والصيد والاحتطاب لتستفيد العشيرتان من هذه المحمية صيفاً كاحتياط إستراتيجي لموسم القيظ بعدما تخلو الأرض الأولى من العشب نتيجة رعيها في فصل الربيع. أما في حال القحط العام أو المحل فقد تتفق عدة قبائل على إحلال السلام العام ومنع التعدي والاقتتال خلال الربيع لرعي منطقة يشترك في الاستفادة منها الجميع.

وبالطبع تعتبر الحالة الأخيرة نادرة الحدوث في ظل استحواذ قبلي شرس للمحميات الخاصة إلا أن السائد في ذلك الوقت هو الاقتتال الدائم من أجل احتلال محميات الغير، وهكذا بقي هذا الحال المؤسف من نمط الحمى الخاص إلى أن جاء الموحد العظيم وألغى المحميات الخاصة وجعل هذه المملكة الرائعة الممتدة من البحر إلى البحر (حمى عاماً) آمناً لكل القبائل تشترك فيه وتستفيد منه قبل أن تستفيد من الحمى الذي عم خيره الجميع وجعل القبائل تنتقل من مرحلة البداوة إلى مرحلة الحضارة ونعني بذلك النفط الذي يعتبر خيراً وحمى للجميع.

واليوم ونحن نستعيد ذلك الوضع القبلي البائس بكل أسى ونحن الآن ننعم بنظام الدولة الحديثة لم نعد نتذكر تلك المحميات القبلية الخاصة إلا حينما نتنزه بها اليوم كمتنزهات برية ليس إلا. وهي اليوم بحمد الله (محمية للكل ويتمتع بالتنزه فيها الكل) ومن أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب ومن أقصى الشرق إلى أقصى الغرب بل أصبحت قطعة من وطن الكل مهما حملنا من تسميات قبلية مختلفة. لذا وبما أننا اليوم نستخدم تلك المحميات القديمة كحدائق في الخلاء نملكها كلنا وبما أن برارينا تعاني (غول التصحر) الذي يجتاح هذه المتنزهات فإننا نرجو من وزارة الزراعة وحماية البيئة أن تحافظ على الغطاء النباتي وتمنع بعض المناطق من الارتياد عاماً والسماح لأخرى وهكذا بالتناوب للمحافظة على البذور ومقاومة التصحر حتى نعيد لبرارينا جمالها الأخاذ.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد