Al Jazirah NewsPaper Sunday  21/02/2010 G Issue 13660
الأحد 07 ربيع الأول 1431   العدد  13660
 
وإذا الوظيفة أوقتت
حسن اليمني

 

لا أدري لماذا يُستحدث وظائف مؤقتة في الأجهزة الحكومية؟ فإن كانت للحاجة، فلماذا مؤقتة وليست دائمة؟ هل يتوقّع مثلاً أن ينكمش التعداد السكاني؟ أو يحل الأداء الإلكتروني محل الأداء البشري؟ حقيقة الأمر لا أدري، ولكن وصف مؤقت، يعني أنه ظرفي وغير مستدام، ولكن كيف

والحال صار شبه مستدام؟ إلا أن تكون قواعد النحو والصرف تجيز وصف الفعل بفاعله وليس بلفظه؟!

الوظائف المؤقتة هي وظائف إدارية وفنية وتماماً هي كالوظائف الرسمية، ولكنها فقط، لا تخضع لسلم الرواتب الحكومي الذي قنن المراتب والرواتب، وبالتالي يجاز في المؤقتة توظيف الخريج الجامعي بوظيفة أقل من الراتب والمرتبة المستحقة، ثم يناط به عمل إداري يدير أو يترأس موظفين على مراتب رسمية هم أعلى راتب ومرتبة منه ليتولد الغبن والحقد، الذي في النهاية، يصيب العمل بروح اللا مبالاة ويزيد المستفيدين من هذه الخدمات أسىً ويأساً وتعقيدات مملة لإنهاء معاملة سهلة وبسيطة.

لماذا نتجاهل هذه الحقيقة ونغلفها بوجه آخر هو أبعد ما يكون عن العدل والإنصاف عندما يقول أحدهم إنها جاءت لتساعد في تقليل أعداد البطالة، أو على الأقل تعمل كجسر مؤقت بين الوظيفة والباحث عنها، براتب وإن كان قليلاً إلا أنه يعينه على مواجهة التزاماته حتى تتحقق له الوظيفة التي يرغبها، متى ستتحقق هذه الوظيفة؟ وهل هناك مدى لهذا المؤقت؟ أم أنه مؤقت لا ينتهي إلا بنهاية العمر؟

أليست هذه الوظائف المؤقتة التي تُستحدث هي حاجة لهذه الجهة أو تلك؟ ثم هل هذه الحاجة مؤقتة؟ هل يصدق حتى السذّج أن جهازاً حكومياً يسعى لسد حاجاته المستمرة مؤقتاً؟ ماذا ينتظر إذن هذا الجهاز أو ذاك ليؤدي عمله بشكل طبيعي دون تقاطعات مؤقتة وطارئة ومرحلية؟ ومتى سنصل إلى مرحلة الاستقرار والطمأنينة في الأداء وتقديم الخدمات؟

إن انتهازية حاجة الباحثين عن بناء مستقبل آمن, وبما يتضمنه من زواج وسكن ووسيلة مواصلات، بأرخص التكاليف، هو في الواقع انتهازية، ولا أقول أكثر، وخاصة الخصوص إذا جاءت من جهات حكومية، ولا أدري ما هو دور مجلس الشورى الموقر حيال هذا العمل، الذي لم ولن تقتصر أضراره على أفراد خذلتهم الظروف، ليضطروا مرغمين أمام الحاجة والعوز, ليتزاملوا مع رفاقهم وأقرانهم المواطنين دون التمتع مثلهم بالأمن الوظيفي ومزاياه وحقوقه، وكأنهم من كوكب آخر، وإن كانوا فعلاً وبكل أسف من جيل (المؤقتات).

لا شك أن تكدس الوظائف الحكومية يزيد من أعباء الالتزامات على الموازنة السنوية ويقلِّص مخصصات المشاريع التنموية، وهو أمر يكرره البنك الدولي ويشترط التزام الدول الراغبة في الاستفادة من خدماته الإقراضية به، ولا شك أيضاً أن الخطط الإستراتيجية للتنمية في بلادنا تحاول علاج ذلك من خلال توجيه الراغبين للعمل إلى القطاع الخاص، لكن الواقع يقول إن نصيحة البنك الدولي أو شروطه لم تعين تلك الدول التي رضخت لمطالبه في الخروج من أزماتها، كما أن خطط التنمية المتتالية منذ عام 1390هـ لم تستطع علاج هذه المشكلة، بل إن هذه المشكلة للأسف كبرت واتسعت وولدت مشاكل أخرى، وفي الأخير، يبقى الإنسان هو القياس أو (ترمومتر) القياس، للوقوف على مدى حسن وسلامة ونجاح مسار خطوط التنمية، وتبقى قيمة أي إنجاز مهما علا وتعلّى ناقصة وشكلية، أمام حاجة الإنسان لتكاليفها المالية لحفظ كرامته.



Hassan-alyemni@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد