Al Jazirah NewsPaper Sunday  07/03/2010 G Issue 13674
الأحد 21 ربيع الأول 1431   العدد  13674
 
عبدالله بن عبدالعزيز.. (القائد المُؤثِّر)
حمّاد بن حامد السالمي

 

هذا عنوان كتاب للباحث الأميركي (روب سبحاني). الكتاب: (King Abdullah Of Saudia Arabia A leader Of Consequence) صدر مؤخراً في العاصمة الأميركية واشنطن، وجرى عرض موسع له، في ندوة حوارية

استضافها قبل أيام قلائل مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، حيث كان الباحث يتحدث وسط حضور مكثف من المهتمين بالسياسة الدولية والشرق الأوسط، ويجيب عن أسئلتهم واستفساراتهم.

والباحث (روب سبحاني) لم يكن باحثاً مكتبياً، ولم يتناول شخصية الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ولا سياسته في إدارة دولته، بالمراسلة أو عن بُعد كما يفعل بعض الباحثين، ولكنه قال في كتابه هذا إنه كان في المملكة العربية السعودية عام 2007م؛ فزار العاصمة الرياض، وزار معها ست مدن سعودية، منها الطائف والدمام والخبر، وأنه تحدث إلى سعوديين وسعوديات من شرائح مختلفة؛ فوجد أنهم يُجمعون بالكامل على أهمية التغييرات التي أحدثها الملك عبدالله بن عبدالعزيز في دولته، والتي بدورها قادت إلى إصلاحات جوهرية على مستويات عدة، ذكر من أهمها: الحوار الوطني الذي أطلقه عبدالله بن عبدالعزيز في بلاده، وأنه كان (هدية من الله عز وجل). إن فسحة الحوار - كما يقول سبحاني - التي وفرها الملك عبدالله داخل المملكة ستكون بالتأكيد واحدة من أهم ما سيكتبه له التاريخ.

لن أقول كما يقول بعضهم، مستشهداً بهذا المثل العربي، في الزمان الخطأ والمكان الخطأ: (الحق ما شهد به الأعداء)، ولكن: (الحق ما شهد به الأصدقاء)، خاصة المنصفين منهم، فلماذا لا يكون الحق إلا في شهادة عدو، بينما قد يأتي هذا الحق أجمل وأفضل وأكمل في شهادة صديق..؟! إنَّ في هذا العالم أجمع، باحثين ودارسين ممن لا همّ لهم ولا شغل إلا البحث عن الحقيقة، ولهذا نجد منهم مَنْ يتغرب في طلبها، وسبحاني ينقل في كتابه هذا الكثير من مشاهداته ومرئياته وسمعياته، ويعرض استنتاجاته، ويبرز وجهات نظره، بعد زيارة فعلية للمملكة، وبعد أن التقى عدداً من مواطنيها في مدن عدة؛ لهذا تكتسب آراؤه في هذا الكتاب مصداقية أكثر وأوفر، خلاف مَنْ يكتب عن بلاد وقادة لم يعرفهم إلا من خلال ما ينشر عنهم في مصادر ووسائل إعلامية.

يقول الباحث: (الملك عبدالله ملك مختلف، وصانع سلام، وهو وطني عربي مسلم، وأنه يريد معاملة الناس بشفافية وعدل ومساواة، وأنه استطاع أن يغير لهجة وفحوى النقاش في العالم العربي والإسلامي، وأن يفتح حواراً جريئاً في الداخل، وما يفعله من أجل فلسطين والعراق واليمن وأفغانستان هو أمر مهم، إلى جانب جهوده في السعي لتعافي الاقتصاد العالمي).

إن أكثر ما لفت نظر الباحث في شخصية الملك عبدالله، إلى جانب تبني سياسة الحوار، هو نجاحه الباهر في التصدي للتطرف، ومحاربة الإرهاب، وكذلك دوره في أمن الطاقة ومستقبل الاقتصاد العالمي. يقول: (ما يقوم به الملك عبدالله مهم للعالم، وله تبعات، سواء في أمن الطاقة أو محاربة المتطرفين، أو مستقبل الاقتصاد العالمي). وانطلاقاً من هذا الدور المحوري للملك عبدالله يقرر الباحث أن الملك عبدالله ملك فريد، فهو يقود دولة مهمة، تستحوذ على أكبر احتياطي نفطي، ولها ثقل كبير في العالمين العربي والإسلامي، وهي موطن الحرمين الشريفين.

من الصور البالغة الدقة للباحث، في فحص السياسة السعودية التي يقودها الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله قوله: (إن هذه السياسة تجعل الملك عبدالله ملكاً فريداً للسعودية في الوقت الحاضر؛ لأنه انتهج سياسة الحوار في الداخل والخارج - في إشارة إلى الحوار الوطني وحوار الحضارات والأديان - وأنه تحدى بكفاءة وشجاعة المتطرفين، وأنه استخدم خطابهم ضدهم، وأنه حقق لبلاده قيادة محور الاستقرار في الشرق الأوسط، وأنه رفع درجة الشفافية بتحقيق إصلاحات مهمة، وأنه شرع في بناء التعليم العام والعالي على أسس قوية ومتطورة).

وعندما يصل الباحث إلى الدور الدولي للمملكة، يقول: (إن عبدالله بن عبدالعزيز، هو صانع سلام، فهو الذي صاغ وعرض مبادرة السلام العربية في قمة بيروت عام 2002م، وهو الذي حاول الصلح بين فتح وحماس في مكة قبل أعوام عدة).

وعندما يأتي الكلام على الإصلاحات الإدارية والتنظيمية فإن الباحث يشير إلى ملمح مهم في سياسة الملك عبدالله في هذا الاتجاه، فهو: (يعتمد على كفاءات وطنية من التكنوقراط المتعلمين في إدارة شؤون البلاد). ثم ضرب مثلاً بالأمير فيصل بن عبدالله بن محمد وزير التربية، والأستاذ عادل الجبير سفير المملكة في واشنطن، والدكتورة نورة الفائز نائبة وزير التربية والتعليم.

الكتاب الذي يقع في (190 صفحة)، حجم كبير، يحمل الكثير من الآراء المنطقية؛ لأنها مسنودة بمعايشة واقعية، وعين فاحصة، ودراسة ميدانية، ونحن نعرف هذا في ملكنا المظفر (عبدالله بن عبدالعزيز) من قبل هذا البحث ومن بعده، ونشعر بسعادة أكبر حينما نعرف أن في هذا العالم الكبير مَنْ يعرف الحقيقة ويجهر بها، ومن يقدر دور المملكة، ويدرك مكانتها، ويزن ثقلها، ويثمن جهود قادتها وأبنائها، في ترسيخ دعائم السلم العالمي، ومواجهة التطرف، ومجابهة الإرهاب، وملاحقة المتطرفين والإرهابيين، خاصة أن السهام تلاحقنا وتنال منا، كلما نبا من بيننا مَنْ يحرض على سفك الدماء، أو يدعو لقتل النفس التي حرم الله؛ فالتكفير صنعة للمكفرين، وذريعة للمفجرين، وما أكثر الذين يخربون في ديارهم، ويهدمون أوطانهم، يفعلون ذلك بأيديهم لا بأيدي أعدائهم، حتى ضاعت جهود المصلحين، بين حشود الغوغائيين المتذرعين بالدين.

الملك عبدالله حفظه الله ملك مؤثر في الداخل والخارج، وقد خلق لدولته ولشعبه ريادة وقيادة، في المحافل الإقليمية والدولية كافة، فهو القائد المحنك، الذي غالباً ما ينهض بدور الطبيب الذي يداوي الجراح النازفة هنا وهناك، ولكن:

كم أداوي الجرح.. قلَّت حيلتي

كلما داويت جرحاً سال جرحُ

ولكم أدعو ومالي سامعٌ

فكأني عندما أدعو.. أبحُّ



assahm@maktoob.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد