Al Jazirah NewsPaper Sunday  07/03/2010 G Issue 13674
الأحد 21 ربيع الأول 1431   العدد  13674
 

مشروع القراءة في المطارات
د. سعد بن عبد العزيز الراشد

 

تبنت مكتبة الملك عبد العزيز العامة، تجربة جديدة ورائدة، تهدف إلى توعية المجتمع بالقراءة، وتجديد وتعميق الصلة بالكتاب من خلال مشروع القراءة في المطارات. بدأت المكتبة تجربتها هذه في الصالات الداخلية بمطار الملك خالد الدولي في

العاصمة الرياض. وتأمل المكتبة تعميم هذه التجربة في الصالات الدولية في المطار نفسه، وفي باقي مطارات المملكة الدولية والمحلية. وعمل مثل هذا لا بد أن يقابل بالشكر والامتنان، لما في ذلك من منفعة، وجهد مضاعف على المكتبة مادياً وبشرياً، ومتابعة مستمرة للنقاط التي تعرض فيها المطبوعات والنشرات التي تصدرها المكتبة. ويأتي هذا المشروع الرائد ضمن الأهداف التي تسعى المكتبة إلى تحقيقها، في نشر الوعي والمعرفة وتعميم الثقافة في كثير من المشارب الأدبية والتاريخية والاجتماعية والتي لا تتصل بالمملكة فحسب بل يشمل عالمنا العربي والإسلامي وبقية شعوب العالم. ومكتبة الملك عبدالعزيز العامة، مؤسسة خيرية تحمل اسم الملك المؤسس عبدالعزيز (رحمه الله)، وهي من مآثر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - فقد رعاها فكرة ونفذها على أرض الواقع، فأسسها على نفقته سنة 1405هـ - 1985م، وبعد اكتمال تجهيزاتها افتتحها - وفقه الله - سنة 1408هـ - 1987م، ومع تزايد الأعداد الكبيرة من مرتادي المكتبة من مختلف المراحل العمرية وخاصة المرأة والطفل، رأى الملك عبدالله أهمية إنشاء مكتبة نسائية متكاملة، وتم افتتاحها بحمد الله سنة 1416هـ - 1996م، وتعد الأولى في المملكة العربية السعودية. وأنشأت المكتبة فرعاً لها ضمن منظومة مركز الملك عبدالعزيز التاريخي بالرياض، وتم افتتاحها في عام 1420هـ-1999م. وتطورت المكتبة وارتقت بدورها على أساس قوي، وأخذت بأساليب التقنية الحديثة، وفي بناء كوادر بشرية مدربة، وحققت نجاحا فائقا في التواصل الهادف والبناء مع مؤسسات الدولة والمراكز والمعاهد العلمية والثقافية. وحديثي عن مكتبة الملك عبدالعزيز العامة لا يأتي من فراغ، فقد كان لي شرف عضوية أول مجلس أمناء للمكتبة، وشَهدتُ صدور موافقة المقام السامي الصادر رقم (أ-36-في 4-2-1417هـ) على تأسيس المكتبة لتكون مؤسسة خيرية تعمل على نشر المعرفة والثقافة وتركز على التراث الإسلامي والعربي وتاريخ المملكة العربية السعودية ومؤسسها الملك عبدالعزيز (رحمه الله). والمكتبة لها سجل حافل بالنجاحات المتوالية، من حيث تطوير مستوى خدماتها، وإثرائها بالمصادر والمراجع ونوادر المطبوعات والمخطوطات الأصلية والمصورة، واحتضنت المكتبة ندوات علمية متنوعة في حقول المعرفة - داخل المملكة وخارجها، وأقامت معارض متخصصة للكتاب والفنون.، وللمكتبة إصدارات متنوعة، وقد أكملت إعداد عمل موسوعي كبير، متعدد الأجزاء يشمل كافة مناطق المملكة، يوثق جغرافية المملكة وتاريخها وحضارتها وتطورها التنموي والإنجازات التعليمية والاجتماعية والصحية والاقتصادية وغيرها.

ونحن على ثقة بأن المشروع الذي أقدمت عليه المكتبة، لغرس حب القراءة والتواصل مع الكتاب - عبر مطارات المملكة - سيحقق الفائدة بحول الله، وأن الإنفاق على هذه الفكرة، بأي شكل من الأشكال، لن يكون خسارة، وفي ظني سيفتح المجال لجهات أخرى عديدة لتعزيز هذا الجانب وأذكر بهذا الخصوص:

1- وزارة الثقافة والإعلام: وهي الجهة الرسمية الرئيسة المعنية بالثقافة في بلادنا والتعريف بها داخلياً وخارجياً، وهذه الوزارة لها مكاتب ومندوبين في المطارات الدولية والمنافذ الدولية البرية والبحرية، وتحتفظ الوزارة بعدد وافر من المطبوعات المتنوعة في موضوعاتها، وتستطيع الوزارة اختيار المناسب منها لتوفيرها في النقاط المحددة للمشروع.

2- الهيئة العامة للسياحة والآثار: وبإمكان الهيئة أن تعزز دورها بالتعاون مع المكتبة في هذا المشروع من خلال مكاتب الإرشاد السياحي المنتشرة في مطارات المملكة، خاصة أن الهيئة معنية بالتعريف بتراث المملكة وحضارتها، ولديها برامج سياحية تهم المواطنين والمقيمين على حد سواء، ولهذا فإن إسهام الهيئة بمطبوعاتها ونشراتها سيكون عاملاً مساعداً في توسيع النطاق المعرفي بين الناس.

3- المكتبات ودور النشر الوطنية: لعل هذا المشروع يكون محفزاً لدور النشر والمكتبات للمسارعة في توفير مساحات مخصصة لتسويق الكتب وأوعية المعلومات، بحيث تكون في متناول المسافرين ومرتادي المطارات، ويتم ذلك وفق منهجية في حسن الاختيار للمطبوعات والكتب والمجلات وغيرها، وتطوير عملها باستحداث بوابات إلكترونية تُعَرِفْ بواقع التأليف والنشر في المملكة.

4- وزارة التربية والتعليم: ويمكن لهذه الوزارة الإسهام بفاعلية في تعزيز نجاح هذا المشروع الهادف من خلال الأعمال التطوعية لطلابها في المتابعة والإشراف في النقاط المحددة في مطارات المملكة، والتعريف بمناهج التعليم والنشاط الطلابي، وبهذا يكسب الطلاب تجارب ومهارات جديدة في التعامل مع الكتاب والإنسان.

5- أفراد المجتمع: ربما يكون هذا المشروع محفزاً لأفراد المجتمع والمسافرين للتبرع الطوعي بالكتب والمجلات النافعة قبيل مغادرتهم أو عند وصولهم، وبهذا تعم الفائدة المرجوة.

6- وأخيراً فإن نجاح هذا المشروع مرهون بتعاون الجهة المختصة في مطار الملك خالد الدولي والرئاسة العامة للطيران المدني والخطوط السعودية، إذ إنّ حيوية المطارات في كل بلاد العالم ليس في نقل المسافرين فحسب، بل في الخدمات المتنوعة التي تتوفر لخدمة المسافرين ومرتادي المطارات من مستقبلين ومودعين وغيرهم، ولعل البعد الثقافي والمعرفي يأتي في مقدمة الخدمات التي يجب توفرها.

إن إشاعة القراءة المعرفية في المجتمع غاية في الأهمية والمسئولية مشتركة بين كافة أجهزة الدولة الرسمية والخاصة، والمبادرة التي قامت بها مكتبة الملك عبدالعزيز هي خطوة على الطريق الصحيح.

يقول الجاحظ:

أوفى صديقٍ إن خلوتُ كتابي

ألهو به إن خانني أصحابي

لا مفشياً سراً إذا أودعته

وأفوز منه بحكمة وصواب

ويقول العقاد:

(يقول لك المرشدون: اقرأ ما ينفعك، ولكن أقول: بل انتفع بما تقرأ)

أما الأديبب والمفكر الفرنسي (منتسكيو) فيقول:

(حبُ المطالعة هو استبدال ساعات السأم بساعات من المتعة)

والله الموفق

alrashid.saad@yahoo.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد