Al Jazirah NewsPaper Sunday  07/03/2010 G Issue 13674
الأحد 21 ربيع الأول 1431   العدد  13674
 
لما هو آت
حَذْواً.. حَذْواً.. بغفلة!
د. خيرية إبراهيم السقاف

 

أدر عقلك، فإنه إما أن يرفعك، أو أن يرديك..

وأدر نطقك، فإنه إما أن يوقعك، أو أن ينجيك..

وأدر قلبك، فإنه إما ناصرك، أو هازمك..

وأدر جأشك, فإنه إما أن يدعمك، أو أن يخزيك..

فالإدارة الذاتية خطة، ومنهج، وفكر, وتنفيذ..

تلك الإدارة التي رُبيَ عليها حكيم البشر، ومعلمهم، من لدن خالق هذا الكيان، من قال له خير من قال: {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ}.. بمعنى أن هذه المعرفة تسبق جهل الإنسان بها، حتى إذا ما فطن إليها، فبنور بصيرته، حين يتأمل في مقدِّرات الله تعالى فيه, فيُعمل عقله الذي في رأسه، ولسانه الذي في فمه، وقلبه الذي في جوفه، وجأشه المتحكم في انفعالاته.

تلك مكوناته، ومكنوناته، ومنطلقاته، وأوجه سلوكه..

ومن تربَّى، ونشأ، ووُجِّه لصناعة ذاته وصقل مكوِّناته، وضبط مكنوناته، وتدريب منطلقاته، وتوجيه سلوكه، ومن ثم مراقبة أوجه إدارته لذاته في كل أمر صادر منها، وآخر وارد إليها، لن يخيب..

لن يتردَّى، ولن يقع، ولن يُهزم، ولن يُخْزى..

هذه أسس نهج المصطفى صلى الله عليه وسلم، كما ربَّاه وعلمه، ربُّه الإله العظيم سبحانه, خالق البشرية فيه، موجِّه صفات العلم داخله، مهيِّئ سمات الأخلاق ومقوماتها له، من أدار النفوس النافرة، والعقول المغلقة، والقلوب المنصرفة، فجعلها تستيقن الإيمان، وتكتسب فضائله، وتستنير بيقينه..

هذا العلم العميق، الثري، النافع.., ما بالنا نستلهمه مترجماً، مزوقاً، براقاً..

حين يكون لنا أن لا نقرأ جملة في سطور الأمة، ولا تخرج من صدورها إلا قد سبقتها عبارة: قال جيمس، وبرنارد، وميشال، وبلوم، وعينهم، وياؤهم، وألفَهم، وهاؤهم، بل عفريتهم، وخارق الإبداع فيهم، ولا يكون لنا أن نفعل أمراً خاصاً بناً أو عاماً، وإن جاء في أمر إدارة ذواتنا، إلا حين نطمئن إلى أنه قادم من هناك، حيث استمرأنا أن نغلق منافذنا عن معيننا الثري، ليعود إلينا مبصوماً بروافد مقتبسة منه؟.. تغرينا بالأخذ بها تلك الأسماء، وبوصلة الاقتداء..

ربما يحتاج الناس في أمة الإسلام أن يعودوا لمعينهم.. ويثقوا في مصدرهم، بل في يقينهم, ليكونوا قادرين على إدارة مواقفهم، بما يتعلمونه منه، ومن ثم، يصبحون قادرين على الظهور بمخابرهم، تلك التي اختلطت كطمي السيل، كلما مرَّ، جرف...!.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد