Al Jazirah NewsPaper Wednesday  10/03/2010 G Issue 13677
الاربعاء 24 ربيع الأول 1431   العدد  13677
 
مطر الكلمات
بلاك بيري ماسنجر.. مشكلة في الأفق!
سمر المقرن

 

طالعتنا الصحف الصادرة هذا الأسبوع عن طلب هيئة الاتصالات السعودية إيقاف خدمة «بلاك بيري ماسنجر» ورغم أن الأخبار المتواترة تطلب أن تكون سيرفرات الخدمة محلية، إلا أن الأخبار لم تعطنا على وجه التحديد الهدف من هذا الطلب الغريب من هيئة الاتصالات في المملكة، وحتى أحاول تفسير الخبر، فأعتقد أن هناك احتمالين، وربما هناك احتمالات أخرى لا نعرفها، فلعل آخرين يساعدوننا في الوصول لتلك الاحتمالات التي لم تظهر لي:

أحد الاحتمالات هو بسبب موجة غضب عارمة لدى البعض حول استخدام البلاك بيري ماسنجر كوسيلة تواصل بين الشباب المراهقين والبنات المراهقات وإقامة علاقات فيما بينهما، فإن كان هذا السبب، فإن الأمر يبدو سخيفاً للغاية، ذلك أنه مهما تعددت مساوئه إلا أنه عَرَض لمشكلة وليس مشكلة بحد ذاته، بمعنى آخر، إذا قمنا بإغلاق هذه التقنية، فلن يعجز الشاب والفتاة عن إيجاد الوسيلة للتواصل غير المشروع، فمنذ الهاتف الثابت وربما قبله من أيام الحمام الزاجل وحتى الآن توجد عشرات الطرق للتواصل بينهم ولعلاج هذه المشكلة علينا تربية أطفالنا ومصارحتهم حول مشروعية هذه العلاقة بدلاً من تحويل حياتهم للممنوع والمسموح، حتى بات كل واحد منهم يتلذذ في القفز على الممنوع بدافع المغامرة وإثبات الذكورة للذكر والأنوثة للفتاة، لأننا بالمنع والحظر لا ننمي الدوافع الذاتية بمعرفة الصواب والخطأ بل إن الصواب والخطأ هو الذي نسمح به والخطأ هو الذي نمنعه عنه؛ فالدافع الذاتي منعدم، لأنه تعوّد أن المسموح هو المشروع وهذا ليس حقيقة مطلقة، فالتقييم الذاتي للأشياء أفضل وسيلة لحصانة أبنائنا، فغداً ستخرج تقنية أخرى، فهل نُحرم من كل تقنية بحجة الخوف على أطفالنا بدلاً من أن نزرع فيهم التعرف على الصواب والخطأ وتعويدهم عليه، إننا نرى مجتمعات وأسر قريبة منا، في الخليج ودول عربية أخرى، حافظت على التزامها بدينها وتقاليدها دون أن تمارس الحرام والممنوع والرفض إلا ما يجب أن يكون ضرره محققاً وهو شر محض لا خير فيه.

الاحتمال الآخر، هو أن في البلاك بيري ماسنجر خطر أمني يهدد أمن بلادنا، وأعتقد أن على هيئة الاتصالات أن لا تخجل في أن تعلن أنها تعالج هذه المشكلة من أجل أمن البلد، فأمن البلد أولوية لا يمكن لأي مواطن أن يجعلها مكانا للمساومة أو التنازل أو حتى للنقاش لأنه بزوال الأمن يزول كل شيء! إن كان أداة تقلق مضاجعنا، يجب التعامل معه بوضوح، ورغم أني اشك في هذا الأمر لأن دولاً كثيرة لديها نفس هذه التقنية ولا تعاني من مشاكل أمنية سواء في الإرهاب أو السرقة أو الجريمة المنظمة، لأننا كما نعلم جميعاً أن الاتصالات لا تزال تخضع للنظام الدولي الذي يحافظ على أمن الدول والحكومات والشعوب.

إنني أتساءل : لماذا لا تكون هيئة الاتصالات أكثر شفافية مع المواطن وهي تعبر له عن أسبابها في طلب حجب أو تقنين هذه الخدمة، بدلا من ممارسة دور (الديكتاتوري) الذي لم يعد مجديا، بل إنه لم يعد مقبولاً، وبحكم مراقبتي للمشهد الحاصل هذه الأيام، فإن هيئة الاتصالات تتخبط بقوة في قراراتها، ولعل قرار حظر المكالمات الدولية المجانية أبلغ واقرب دليل، أتطلع لأن تكون هذه الجهة التي تمسنا بشكل مباشر أكثر حكمة عند اتخاذ القرارات، وأن تأخذ وقتها الكافي للدراسة قبل أن تأخذ طريقها للنفاذ من دون أي نقاش ومن دون حتى جس نبض المواطن إن كانت تتوافق معه هذه القرارات أم لا!

www.salmogren.com



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد