Al Jazirah NewsPaper Wednesday  10/03/2010 G Issue 13677
الاربعاء 24 ربيع الأول 1431   العدد  13677
 
مدائن
مشاريع لبناء الإنسان (مؤجلة)
د. عبدالعزيز جارالله الجارالله

 

عندما بدأت الطفرة الاقتصادية عام 1395هـ-1975م بعد عوائد النفط أطلق عليها التنمية لأنها نقلتنا من بيوت الحجر والطين والشوارع الترابية والأحياء الشعبية والقرى الزراعية والمساكن الساحلية ومنازل تجاويف الجبال إلى مدن حضارية حديثة ذات طراز وهندسة أوروبية وتنفيذ آسيوي شاركت فيها الشركات والعمالة الآسيوية في التنفيذ والإنشاء وتدخلت في النمط والسمات المعمارية... وهذه النقلة وصفت بالتنمية لأن المواطن كان شريكا في البناء والعمران من خلال صندوق التنمية العقارية الذي أسسته الدولة لتعمير البلاد وضخت فيه المليارات التي عجلت في حركة التنمية.. اليوم تشهد المملكة طفرة تنموية واقتصادية قد تكون مالياً أكبر في ميزانياتها من تلك الطفرة الأولى والفارق هنا أن المواطن لا يشارك مباشرة في البناء والتعمير بل تولت هذه المرحلة شركات عالمية قامت ببناء: الجامعات والمدارس والمستشفيات والطرق والمصانع والمطارات والموانئ، وهذه تنمية نوعية تممت التنمية الأولى التي تخصصت بالمساكن والبيوت وقد يفهم من ذلك من الناحية التحليلية أن الفرصة متكافئة بين الطفرتين طفرة مساكن المواطنين وطفرة المشروعات النوعية.. لكن هناك اختلافاً لا بد التنبه له وهو أن ما نفذته الطفرة الأولى استكمل في سنوات قليلة وحققت معظم أهدافه في حين أن الطفرة الثانية التي قامت على مشروعات عملاقة هي: (معمارية وفكرية). تتعلق في إعمار وبناء الإنسان حضارياً وثقافياً من خلال بوابات التعليم والثقافة نجدها تعثرت وتأخر تنفيذها لأسباب مرتبطة بالتخطيط والتعاقدات المالية, رغم أن الدولة وفرت لهذه المشروعات المليارات وخطط لها أن تنفذ خلال أشهر وليس سنوات رغم ذلك تراخت الجهات المعنية بالتنفيذ كون المشاريع مرتبطة في أحد أجزائها في تطوير وبناء وإعمار الإنسان أما الجزء المتعلق في البناء والعمران شرع في تنفيذه... وهذه إشكالية كبيرة أصبحت لدينا منشآت ومشروعات ضخمة جداً والإنسان المحرك لهذه المشروعات غائب عنها فعطلت مشاريع تطويره حضارياً وتقنياً وتعليمياً... ويبقى الأمل معلق بالله سبحانه وتعالى وفي الجيل الذي التحق بالبعثات الخارجية وتعلم في الجامعات الأمريكية والأوروبية والآسيوية المتميزة بأن يسد ثغرة: الإنسان والجهاز الذي يعمل عليه.

وهنا موقع سؤال إذا كانت بعض الجهات تراخت في تنفيذ المشروعات التعليمية أو الثقافية أو الاجتماعية فمن يراقبها ومن يحاسبها؟... لأن مدينة جدة تعلمنا منها درساً قاسياً ضحيته أرواح وأموال وممتلكات ولا يجب أن نكون جميعنا مشاريع جاهزة للانهيار كما حدث في جدة تنهار المدن وتتساقط القطاعات... فالمشاريع الموجهة لبناء الإنسان يجب أن تعامل بنفس الحزم والجدية التي عوملت بها مدينة جدة وبفتح ملف كل مشروع موجه لبناء الإنسان سواء كان تعليمياً أو ثقافياً أو اجتماعياً.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد