Al Jazirah NewsPaper Wednesday  17/03/2010 G Issue 13684
الاربعاء 01 ربيع الثاني 1431   العدد  13684
 
مطر الكلمات
الابتدائية العاشرة.. الحمد لله على السلامة
سمر المقرن

 

أن تبقى ثلاثمائة طفلة، وثلاثون معلمة، في مبنى آيل للسقوط في أي وقت، ليس بالأمر المهم لدى -بعض- المسئولين في وزارة التربية والتعليم. هذا الكلام لا أقوله من فراغ، ولا هي حكاية من عمل روائي يختلط فيه الخيال بالواقع، بل هي حكاية حقيقية، حكاية ثلاثمائة طفلة، وثلاثين معلمة، يقضين يومياً ست ساعات في مبنى آيل للسقوط، هذا ليس رمياً بالغيب ولا (سواليف مدرسات) إنما بناء على تقرير مدير عام التشغيل والصيانة بالوزارة برقم 170481-1 وتاريخ 3-4-1429هـ حول التقرير الفني الصادر من قِبل اللجنة المشكلة لتحديد سلامة المبنى من الناحية الإنشائية، وأوصى التقرير بإزالة المبنى. هل لنا أن نتصور أن صدور هذا التقرير كان قبل عامين، وبعد مرور كل هذا الوقت يصدر قرار بتوزيع الطالبات والمعلمات على مدارس أخرى!

السؤال الذي يفرض نفسه في هذه الحالة هو: أين المسؤولين خلال العامين الماضيين؟ ولماذا لم يصدر القرار فور صدور التقرير الفني الذي أكد على أن الابتدائية العاشرة الواقعة في حي الديرة، وسط الرياض، قد تقع أسقفها وجدرانها في أي وقت على عدد يزيد عن الثلاثمائة روح، لا أعتقد أن أرواح بناتنا وأخواتنا رخيصة إلى هذا الحد الذي جعل المسؤولين عن التنفيذ يتأخرون لمدة عامين، وبعد العامين، صدر قرار ارتجالي وسريع وغير مدروس بتوزيع الطالبات والمعلمات على مدارس أخرى، بل جاء القرار قبل اختبارات منتصف العام بأسبوعين!

هل لنا أن نتصور في هذا الوقت كيف سيكون وضع الطالبات والمعلمات وأهاليهن, خصوصا وأن عددا كبيرا منهن قد تم توزيعهن على مدارس بعيدة عن مقر السكن، مما يؤكد على ولادة جملة من الإشكاليات التي نتجت عن تأخير تنفيذ القرار لمدة ليست ببسيطة وكان من المحتمل في أي وقت سقوط المبنى على رؤوس بناتنا وأخواتنا ووقوع خسائر فادحة في الأرواح، هذه الكارثة كان يمكن أن تحدث لسبب بسيط وهو التهاون في تنفيذ المهام التي هي أمانة وضعها الله ثم ولاة أمر هذه البلاد في عنق كل منا، ويستمر مسلسل التهاون في عدم توفير مبنى بديل بل توزيع الطالبات والمعلمات على مدارس أخرى قد لا تحتمل طاقتها الاستيعابية عدد إضافي، كل هذا يعطينا مؤشرات واضحة وصريحة على «الارتجالية» وعدم التوازن، والتهاون في عملية مهمة وحساسة كهذه, لست هنا لأعلن الحرب على أحد ولكننا تعبنا من هذه الأخطاء التي لا نعرف متى ستتوقف ولعل كوارث الفساد التي لحقت بمدينتنا العزيزة جدة، والتي ما زالت جهات التحقيق تخرج من تلك العفوية ما يوازي عفونة جثث المساكين الذين ماتوا في جدة, تجعلنا نقول «رب ضارة نافعة» بحيث يكون هناك إعلان لحرب شاملة على الفساد, إذ إن الفساد الذي ينخر في كثير من القطاعات ويستشري في عدد منها، قد جعل البعض يتوقف ويتذكر سوء خاتمة مفسدي جدة، ويضع نفسه مكان أحدهم، ولا أستبعد أن قرار إزالة المبنى الذي تُرك داخل الأدراج لمدة عامين، خرج بفعل كارثة جدة التي فتحت الأبواب على مصراعيها لردع المفسدين.

وما دام الحديث عن الابتدائية العاشرة، فإنني هنا أود التنويه وتذكير المسؤولين وعلى رأسهم نائبة الوزير نورة الفايز، بأنه قد آن الأوان للتخلي عن تسمية مدارس البنات بأرقام، مما يوحي وكأننا ننادي هذه المدارس داخل عنبر من عنابر السجن، أتمنى النظر في إعادة فكرة هذه المسميات التي توحي بشكل أو بآخر على التقليل من قيمة المرأة، وأن تكون مدارس البنات بأسماء نسائية لها وقعها في التاريخ وفي الوقت المعاصر.

www.salmogren.com





 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد