إن ذكريات الماضي لا تعود ولكنها تبقى راسخة في مشاعرنا عميقة في وجداننا، فأيام الحب والمودة، ودقائق اللهو والمرح في حياتنا الزوجية تعد من أجمل لحظات العاطفة الجياشة، خاصة عندما تكون ملونة بألوان الود والحنان، ومغلفة بالورد والياسمين.. وكل ما يدخل السرور إلى حياتنا ويرسم ملامح الفرح والبهجة في نفوسنا.
ولكن مع مرور الأيام والسنين نسمع ونتفاجأ بأن شعلة الكراهية ونار الحقد بدأت تظهر بين زوجين، وهنا تصبح الحياة مستحيلة، فينسى الرجل حينها نسيم الحب وقطرات الندى. ولكن كيف ينساها وهي التي كانت تملأ الدار بتغريدها وتزينه بجمالها، وتحيله نعيماً بحنانها.. وتنعشه بدعابتها ونشوتها.
فيحاول الزوج أن يظلمها، بأخذه من أموالها وهي الضعيفة، ولعلها لا تستطيع مواجهة دوامة الحياة وأطفالها حولها يبكون. ومن هنا نبه القرآن الكريم الزوج لتذكر أيام الحب والمودة في ظل الحياة الزوجية، يقول الله تعالى(وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا) (21) سورة النساء.
فعندما نعيش في ظلال هذه الكلمة (أفضى) نستحضر في وجداننا تلك الكلمات العاطفية التي تبادلناها في ليال حميمة، والمشاعر القلبية التي ملأت كياننا ونحن نرسم حياتنا المشتركة بمداد المودة. هذه الكلمة التي تحمل في طياتها عشرات الصور، والمشاعر، والتصورات، والهموم، والأحزان، والأفراح، وملامح الحياة المشتركة آناء الليل وأطراف النهار، وعشرات الذكريات الجميلة.. هذه الكلمة (أفضى) لها مفعول ساحر في التذكير والتنبيه من الغفلة.. واللافت للنظر في دلالات هذه الكلمة الجامعة أنها تحمل في طياتها عدداً لا يحد من المعاني، ففي كل حب إفضاء.. وفي كل نظرة عاطفة إفضاء وفي كل لمسة جسد إفضاء.. وفي كل توافق مشاعر في الماضي أو الحاضر، أو المستقبل إفضاء.
حشد جميل من التصورات والظلال ترسمه تلك الكلمة الموحية الجميلة، فتدفع الإنسان أن يستعرض في خياله تلكم الصور الراسخة في مخيلته التي تأبى الزوال، وتحثه على الوقوف في لحظة الفراق الأليم التي قد تهدد جمال هذه الصور وعمق تلك العواطف بالزوال، وتجعله يراجع من جديد ضميره ووجدانه.
فاكس 012481825
الرياض