Al Jazirah NewsPaper Wednesday  17/03/2010 G Issue 13684
الاربعاء 01 ربيع الثاني 1431   العدد  13684
 
كيف ننجح في إلغاء التلفزيون؟
د. عبدالرحمن بن محمد القحطاني

 

لماذا ناقش الكاتب الأمريكي جيري ماندر، في تموز 1977م، إلغاء التلفزيون؟ ولماذا رأى إلقاءه في مقالب الزبالة؟ ولماذا توصل في نهاية مناقشاته إلى طرح السؤال: كيف ننجح في إلغاء التلفزيون؟ وكيف رأى أن الخطوة الأولى تكمن في تفريغ عقولنا من الفكرة القائلة: بما أنه يوجد فلا يمكننا التخلص منه. هذه التساؤلات أجاب عنها كتابه: أربع مناقشات لإلغاء التلفزيون، والذي ترجمه سهيل منيمنة، وراجعه وقدمه مروان كجك، ونشرته دار الكلمة الطيبة، عام 1410هـ.

يشير ماندر إلى أن تأثير التلفزيون خطير على الناحية الفكرية والفسيولوجية والبيئية والاقتصادية والسياسية، وتبريرات الكاتب تكمن في ملخص مناقشاته الأربع، التالية:

المناقشة الأولى: التوسط للتجربة: لقد انقطع اتصالنا المباشر ومعرفتنا بالعالم الذي نعيشه نتيجة انتقالنا إلى بيئات اصطناعية صرفة. لقد صرنا كرواد الفضاء السابحين فيه غير مرتبطين بأساس معين لا نعرف فوقنا من تحتنا ولا نعي الحقيقة من الخيال. وصارت الظروف ملائمة لزرع وقائع اعتباطية كيفية. ولا شك أن التلفزيون يعتبر من أحدث الأمثلة على ذلك؛ لأنه يزيد المشكلة تعقيداً.

المناقشة الثانية: استعمار للتجربة: إن التلفزيون يعمل من خلال هيمنة بعض القوى، وهذه ليست مصادفة، وليس من المصادفة أيضاً استعمال التلفزيون لإعادة تشكيل عقول البشر لتطابق البيئة التجارية المصطنعة. إن مؤامرة من العوامل التقنية والاقتصادية جعلت هذا حتمياً، ولا تزال.

المناقشة الثالثة: تأثير التلفزيون في الإنسان

: إن تقنية التلفزة تولد ردود فعل عصبية - وظيفية عند أولئك الذين يشاهدونها ربما يمكنها خلق بعض العلل، ولكنها بلا شك تخلق أنواعاً من الارتباط والخضوع لتخيلات خارجية، وعلى كل حال فالمؤثرات هذه تحفظ لعملية التطبيع تمهيداً للسيطرة الأوتوقراطية.

المناقشة الرابعة: النزعات المتأصلة للتلفزيون: إن تقنية التلفزيون تقرر مسبقاً حدود محتواه، وذلك مع تدخل فساد المسيطرين عليه. وبعض المعلومات يمكن إيصالها بشكل كامل وبعضها بشكل جزئي وبعضها لا يصل إلينا أبداً. وأكثر وسائل الاتصالات التلفزيونية فاعلية هي تلك الرسائل والبرامج الإجمالية البسيطة التي تلائم أهداف المهيمنين تجارياً على الوسط. إن صيغة التلفزيون العليا تكمن في الإعلان، وهذا لا يمكن تغييره؛ فالنزعة متأصلة في التقنية. فهل ندرك ملخص مخرجات تلك المناقشات الأربع أم هي فرضيات يمكن أن تطرح وتناقش علمياً، فضلاً عن إمكانية مناقشتها عبر وزارة الثقافة والإعلام أو عبر كراسي الأبحاث العلمية الحديثة أو يجب علينا أن نسلم بأن العقول في واد وأجسامنا في واد آخر أو نذهب إلى مقولة فرانز كافكا التي تقول: يكفي أن نستقبل الشر مرة حتى لا يعود يطلب منك أن تمنحه ثقتك؟




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد