Al Jazirah NewsPaper Wednesday  17/03/2010 G Issue 13684
الاربعاء 01 ربيع الثاني 1431   العدد  13684
 
مقاربة
المنشطات والرقابة على التحرشات الجنسية
دباس الدوسري

 

ماذا يعني لنا الخبر الذي نشرته (الجزيرة) (الخميس 25 ربيع الأول) عن القبض على مقيم عربي يعمل سكرتيراً لناد رياضي في منطقة الرياض؟!

تركي الشليل المتحدث الرسمي باسم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال: إن جهاز الهيئة تلقى عدة شكاوى وصلت من أولياء الأمور تشير إلى أن سكرتير النادي يتحرش بأبنائهم وأكد أن الهيئة أحالت ملف القضية إلى مركز الشرطة لاستكمال التحقيق معه.

هل انتهى الأمر إلى هنا؟! ماذا وراء هذه الحادثة؟! ما مدى خطورة الاعتداء الجنسي على الأطفال؟! كيف نتجنب تكرار مثل هذه الممارسات البشعة؟! كيف نحمي أطفالنا وأنفسنا من أقسى اعتداء قد يتعرض له الطفل؟!

حسب الاتفاقيات الدولية فإن الطفل: هو كل إنسان لم يبلغ سنه الثامنة عشرة ما لم تحدد القوانين الوطنية سناً أصغر للرشد والمعتدي حسب تعريف العلماء «هو شخص يكبر الضحية بخمس سنوات على الأقل وله علاقة وثيقة وقرب للضحية» ويتم الاعتداء عن طريق الترغيب من خلال استخدام الرشوة والملاطفة وتقديم الهدايا أو الترهيب بالتهديد والتخويف من إفشاء السر.

التحرش الجنسي هو عملية أشمل وأوسع من مجرد الاغتصاب والممارسة الجنسية ويقصد بهذا النوع من الاستغلال: كشف الأعضاء التناسلية.. إزالة الملابس والثياب عن الطفل.. ملامسة أو ملاطفة جسدية خاصة.. التلصص على الطفل.. تعريضه لصور فاضحة أو أفلام.. أعمال شائنة غير أخلاقية كإجباره على التلفظ بألفاظ فاضحة.. وأنا أتساءل.. كم عدد الأطفال الذين لم يتعرضوا لأي نوع من هذه الأنواع على الأقل الملامسة؟!

يقول الدكتور عبد العزيز الفوزان عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود في حديث ساخن عن هذه الجريمة الخفية في برنامج بثته قناة الرسالة: إن التحرش الجنسي بالأطفال موجود ولا يجوز السكوت عنه وقال إن أي مشكلة يبتلى بها المجتمع والأفراد بداية حلها هو تشخيصها والاعتراف بها أما أن نضع رؤوسنا في الرمال ونغمض عيوننا عن واقع مر فهذا لا يصح.. وأضاف د. الفوزان: هناك ذئاب بشرية ووحوش تفتك بأبنائنا ويجب الحذر منهم والبعض لا يستيقظ حتى يقع الفأس في الرأس.

يقول الدكتور عمرو أبو خليل أستاذ الطب النفسي مدير مركز العلاج النفسي والاجتماعي بالاسكندرية والذي أشرف على حالات نفسية لأطفال تعرضوا للتحرش الجنسي: (المشكلة تكمن في الشعور بالذنب الذي يسيطر على الطفل واتهامه لنفسه بعدم المقاومة وهذا الشعور هو أبو المصائب النفسية جميعها التي من الممكن أن تصيبه لاحقاً ما لم يتخلص منه والغريب أن المجتمع يساهم في تأصيل مثل هذا الشعور وتأكيده عن طريق نظرته إلى ما حدث للطفل المعتدى عليه بأنه فضيحة هو مسؤول عنها ناهيك عن توبيخ الأسرة له التي من المفترض أنها مصدر الأمان له ومطالبته بالسكوت وهذا كله يجعل الطفل يفقد الثقة في نفسه وفي أسرته وفي المجتمع بشكل عام لأنه لم ينصفه وهو المظلوم المعتدى عليه.

وتقول الدكتورة هناء المطلق المعالجة النفسية عضوة هيئة التدريس بكلية التربية بجامعة الملك سعود بالرياض: «إن أقل تحرش جنسي بالطفل يخلق له عاهة نفسية مستديمة طوال حياته وأقولها من منطلقات علمية علاجية إلا أن معظم الناس لا يدرون عما يحدث لأطفالهم ليس بالضرورة لإهمال منهم بل لأن الطفل ربما لا يصارح أحدا بما حدث فقد يخاف أو يشعر بالذنب فهو لا يعرف أنه بريء وأنه ضحية بل وحتى الكبار يصمتون حين يعرفون وكثيراً ما أسمع عن أمهات سكتن عما حدث لأطفالهن حفاظاً على علاقتهن بالجاني فهو من الأقارب وهي لا تريد لفت انتباه أحد أو تخاف ألا يصدقها الآخرون).

وفي ختام تقرير بعنوان (التحرش الجنسي بالأطفال: التعريف.. الأسباب.. الوقاية.. العلاج) في نقطة أرى بأنها غاية في الأهمية تقول د. إيمان السيد: (يجب إبلاغ الشرطة أو السلطة المختصة حتى لا يهرب الجاني بجريمته بغير عقاب لسببين: الأول أن من العلاج لنفسية الطفل الذي تعرض للاعتداء أن يرى عقاب هذا المجرم والثاني لأن التعتيم على هذه الجريمة يساعد المجرم على تكرار جريمته مرات جديدة ومع آخرين لعلمه المسبق بأن الأهل يتسترون على مثل هذه القضايا لأنهم يرونها عاراً(!!)

يقول د. عمرو أبو خليل: (التوعية المبكرة هامة جداً في تجنيب أبنائنا مخاطر التحرش الجنسي بهم وعدم إيثار الصمت تحت مظلة أن الحديث معهم في هذه الأمور سوف يفتح أعينهم على أشياء أكبر منهم هذا كلام قديم فالمعول على الطريقة التي ستحصن بها أبناءك فاللغة الرقيقة والإيحاء والحكاية غير المباشرة كلها تؤدي في النهاية إلى الغرض المنشود).

وأخيراً جاء دوري لأقول: وقفت الصحافة الرياضية خلال الأسبوعين الماضيين (على رجل) ولم يبقَ كاتب رياضي إلا وخاض في قرارات اللجنة السعودية للرقابة على المنشطات ولأن لاعب سعودي واحد فقط حتى الآن ظهرت نتائج تحليله إيجابية لأنه تناول دواء يحتوي على مادة محظورة ويغلب الظن أنه لا يدري عن ذلك وحتى إن كان يدري فإن الضرر لا يتجاوز اللاعب نفسه وقد يقول قائل بل الضرر على سمعة الرياضة السعودية وأقول قد يكون ولكن لا أظن أن تناول رياضي أو أكثر لعقاقير تحتوي على مواد منشطة سيلحق الضرر بسمعة الرياضة السعودية أكثر من قضية الاعتداء بالتحرش الجنسي على مجموعة من الأطفال يمارسون رياضاتهم في نادٍ رياضي سعودي ومع ذلك لم يجد هذا الخبر الأصداء والمتابعة التي يستحقها ربما لأن القضية داخله في إطار (العيب) المسكوت عنه وضمن الغسيل (المتسخ) الذي لا يليق بنا (نشره) أمام الملأ حسب اعتقاد البعض.

التحرش الجنسي بالأطفال أو حتى الشباب الذين يمارسون الرياضة في الأندية الرياضية خطر عظيم وواقع أليم ربما تكون هذه الحادثة التي نشرتها (الجزيرة) قد كشفت جزءا منه وما لم يتم كشفه أعظم وأدهى وعليه فإننا كما نطالب لجنة الرقابة على المنشطات بإقامة الندوات والمحاضرات لتوعية الرياضيين بخطر تعاطي المنشطات وبالكشف عن قائمة المحظورات للاعبين حتى لا يقعوا تحت طائلة العقوبة نطالب الأندية والمشرفين على الفئات السنية بتوعية الأطفال بأساليب وأسباب وطرق علاج ظاهرة التحرش الجنسي لحمايتهم من الوقوع فريسة ل(المجرمين) الذين لا تروعهم براءة الأطفال عن ارتكاب مثل هذه الفواحش النكراء وهذا لن يتحقق إلا بالاعتراف بالواقع المؤلم ثم تقديم النصائح العلمية العملية فقد آن الأوان لتغيير طريقة (عيالنا على الفطرة) مع الأولاد وطريقة (الجوهرة المنكوبة) مع البنات لأنها طريقة قديمة لم تعد مجدية.

مقاربات:

حسب التعريف العالمي فإن الفئات السنية في الأندية التي تحت 18 سنة تحتاج إلى رقابة لحماية صغار السن من الإيذاء الذي قد يقع عليهم لاسيما في فترات المعسكرات الداخلية والخارجية.

إدارات الأندية مسؤولة مسؤولية تامة عن التدقيق في اختيار المشرفين والإداريين في الفئات السنية وفي كافة الألعاب حتى لا يكون (حاميها حراميها)!

توكل بعض الأندية وخاصة الصغير منها إلى سكرتير النادي مهمة تسجيل اللاعبين صغار السن وإحضارهم من بيوتهم للمشاركة في المباريات ثم إعادتهم ويظهر ذلك بوضوح في الألعاب الفردية وأنا أقول هذا بحكم خبرة من داخل الأندية.

المعلومات الواردة في المقالة نقلاً عن موقع (الإسلام أون لاين).




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد