سعادة رئيس تحرير الجزيرة.. المحترم

أسعد الله أوقاتكم.. مدير التحرير للشؤون السياسية الأستاذ جاسر الجاسر عرف العراق عن كثب، ولتلك البلاد حظ وافر من كتاباته في الجزيرة، غير أن شهادته فيها مجروحة؛ لتأثره الواضح بالمعادلة المذهبية التي أصبحت البلاد تجني ثمار اختلالها قتلاً ودماراً وتشريداً.

أليس الأجدر بالمحلل السياسي أن يُقدم لنا تشخيصاً واقعياً ومتزناً لما يجري في تلك البلاد الحزينة؟ أليست المسألة مجرد صراع نفوذ بين القوى الاحتكارية؟ أوروبا تلاعبت بالعراق عقوداً على طريقة (فرق تسد)، والآن جاء دور أمريكا لتجرب طريقة (ألّف تسد) التي نجحت بها في أماكن أخرى من العالم؟

إن المخاض العسير الذي تعيشه العراق بإشراف أمريكي لم يسبق أن مرت به دولة أخرى في المنطقة، وقد تجبر الظروف المستجدة أمريكا على أن تحافظ على غنيمتها عراقاً أكثر استقلالية واستقراراً، وأن ينتهي بها الأمر إلى أن تخسر عليه أكثر مما تستفيد منه؛ فتخرج منه بإرادة وطنية جماعية، ولكن بعد أن يكون العراقيون قد خلصوا جسد بلادهم من سموم الفرقة والتطاحن التي عودهم الأوروبيون على احتسائها.

جاسر الجاسر لا يُلام على (حشريته) وعدم مبالاته بما يكتب عن العراق، فقد أنبت الله في بلاده شجرة مباركة أثمرت رجالاً نذروا أنفسهم لقيادة شعبهم في رحلة الخروج من ظلمات الفقر والتأخر وصناعة وطن حقيقي مستقل مستقر لهم، بعيداً عن الأطماع ودون حاجة إلى مخاض يقتلهم في بطون أمهاتهم أو ييتم مَن عتق منهم.. والله المستعان.