Al Jazirah NewsPaper Saturday  20/03/2010 G Issue 13687
السبت 04 ربيع الثاني 1431   العدد  13687
 
الاتجاه للأمام فقط يمنع الدخول إلى اليمين
بقلم : منصور محمد الخريجي

 

أسعدني أن أتلقى دعوة من هيئة جائزة الملك فيصل العالمية وشعوري بالسعادة كان مضاعفاً لأنني منذ تقاعدت من عملي في المراسم الملكية لم أعد اتلقى أي دعوة لأي مناسبة، وهذا ربما هو العرف السائد لدينا حيث ينسى الشخص حالما يترك موقعه الوظيفي الذي يكون قد شغله وأدى واجبه فيه لسنوات طويلة. لكن سعادتي بدعوة جائزة الملك فيصل لم تكتمل للأسف. وإليكم الحكاية من البداية.

قبل موعد الاحتفال بيومين اتصلت بالإخوة الكرام الذين وصلتهم الدعوة مثلي وهم الدكتور منصور الحازمي وهو كما هو معروف نال جائزة الملك فيصل العالمية، والأخ الدكتور عبدالرحمن الأنصاري أستاذ الآثار في جامعة الملك سعود والمتقاعد حالياً الذي قدم وما زال يقدم خدمات جليلة للمتقاعدين وأنا واحدٌ منهم. والثالث هو الأخ الأديب عبدالله الشهيل الذي شغل مناصب عديدة كان آخرها رئيس النادي الأدبي في الرياض.

أولئك الإخوة الكرام أكرموني بأن جاءوا لمنزلي وترافقنا جميعاً في سيارتي إلى مكان الاحتفال. توجهنا من منزلي قبل موعد الاحتفال بنحو خمس وأربعين دقيقة، والمسافة عندما يكون المرور ميسراً تستغرق نحو العشرين دقيقة. سرنا في طريق العليا العام ولما صرنا في موازاة مقر مؤسسة الملك فيصل الخيرية حيث يقام الاحتفال أردنا أن نتجه يساراً في أحد الشوارع الفرعية لنصل إلى مكان الحفل. وجدنا في وسط الشارع سيارة مرور تعترض الطريق وأشار إلينا رجل المرور بالعودة من حيث أتينا. لم يكن الرجوع سهلاً حيث كان هناك سيارات أخرى خلفنا. رجعنا إلى شارع العليا العام وسرنا إلى أن وجدنا شارعاً آخر يتجه يساراً دخلنا فيه لعله يوصلنا إلى شارع الملك فهد ومنه إلى مقر الاحتفال. وتكررت القصة نفسها، سيارة مرور ورجل مرور يقف بجانبها ويشير إلينا بالعودة إلى الخلف. وبالمناسبة يمكنك أن تزحزح جبلاً ولا تزحزح رجل مرور عن موقفه، وهذا طبعاً لا يلام عليه فهو لديه أوامر وعليه تنفيذها.

ولأختصر الحكاية حاولنا في كل الشوارع الفرعية المؤدية إلى طريق الملك فهد وفي كل شارع كان يتكرر الموقف نفسه، عسكري مرور يشير إلينا بالرجوع ونبدأ نحن بالإشارة إلى من خلفنا بالعودة إلى الوراء ويبدأ هؤلاء بالإشارة إلى الذين خلفهم، وهكذا.

في واحدة من المرات نزلت من السيارة ولحق بي الدكتور الحازمي وأتينا رجل المرور الذي كانت سيارته تعترض الطريق قلت له إن هذا الشخص وأشرت إلى منصور كان قد حاز جائزة الملك فيصل، ومعنا في السيارة شخصان مهمان هما الدكتور الأنصاري أستاذ الآثار في جامعة الملك سعود والأستاذ عبدالله الشهيل الأديب والكاتب المعروف. لكن كل ذلك لم يجد نفعاً إذ بقي الرجل ينظر إلينا دون أدنى تعبير على وجهه ولا أدري إن كان لم يفهم ما قلته أو لأنه لم يصدق كلمة واحدة مما قلت (1).

لم نجد في النهاية إلا أن نكمل مسيرتنا في شارع العليا العام إلى أن وصلنا إلى إشارة مرورية عدنا بعدها من حيث أتينا متجهين شمالاً عائدين إلى بيتي. ولأن المشاكل -وأتجنب هنا كلمة المصائب- لا تأتي فرادى فقد طرأ فجأة عطل في سيارتي. لحسن الحظ لم تتوقف كلية إنما صارت تسير الهوينى!

رفضت الاستجابة لضغط السائق على دواسة الوقود. ولما احتج الدكتور الحازمي والأستاذ الشهيل -الدكتور الأنصاري لا يمكن أن يحتج على شيء مثل هذا، فأنت قد لا تجد إنساناً مثل هذا الرجل في طيبته وسماحته- أقول لما احتج الحازمي والشهيل على عطل السيارة كان جوابي أننا لسنا في عجلة أمرنا وعلى الأقل يكون وصولنا متأخرين في صالحنا لأن زوجاتنا يعرفن أننا أناس مهمون وأننا كنا مدعوين إلى جائزة الملك فيصل العالمية. اتصلت منذ يومين بالأخ الدكتور عبدالله العثيمين وأخبرته بما حصل. جاءني صوته حزينا وأخبرني أن عدداً كبيراً من المدعوين لم يصلوا إلى مكان الحفل للأسباب نفسها التي حصلت لنا. لم أجد في ذلك أي سلوى إذ كنت وما زلت أتمنى أن أكون قد وصلت ورفاقي وكل المدعوين إلى ذلك الحفل السنوي الكبير. وأتمنى أخيراً من مرور الرياض أن يحاول أن يتلافى في السنوات القادمة مثل ما حدث هذا العام وكل عام والجائزة ومدعووها بخير.

(1) حاولت كملاذ أخير أن اتصل برجل المرور الشاب النشيط عبدالرحمن المقبل لكن كيف ستجد عبدالرحمن في مثل هذا اليوم الذي تتضاعف فيه مسؤولياته.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد