Al Jazirah NewsPaper Wednesday  24/03/2010 G Issue 13691
الاربعاء 08 ربيع الثاني 1431   العدد  13691
 

وفاة أم

 

في عدد الجزيرة 13688 وتاريخ 5-4-1431هـ، وفي صفحة مدارات شعبية المتألقة المتجددة، قرأت قصيدة الشاعر العاطفي والمؤثر الأستاذ محمد بن عبدالعزيز العبيد الله في رثاء والدته بعنوان: (يا طول الليال السود). وحقيقة لم يترك الشاعر للجراح المندملة فرصة الذبول بل وكأنما نبش الجروح بعنف قاصداً أو متقصداً وهو غير ملام في أغلى الأحبة وبصدقه المعهود، وها هو يقول في الشطر الأول:

سقاك الله يا قبر شمال وغربي الديره

عليك الغيث يهمل من رضا ربي وغفرانه

وهو يقصد المقبرة التي ووري الثرى جسد والدته الطاهرة في مقبرة عنيزة بداية للقصيدة بقوة وجزالة في اللفظ تستحق المرثية هذه العاطفة الجياشة من فلذة كبدها الشاعر الحزين دائماً والذي ألهب في قلبي وكل من فارقت الدنيا والدته تمثلت والدتي والتي ترقد في نفس المقبرة منذ ثلاث سنوات، ويواصل نزف جراحه والألم يعتصره قائلاً:

بعد ما غبت يا طول الليال السود والحيرة

وإلى شفت المكان اللي خلا ياشين مسكانه

تجيني كل ما جيته دموع الحزن والذيرة

أشوفه تقل ينشدني وأنا ما أطيق نشدانه

جعلت فداك أيها الشاعر المبدع دائماً إبداعاتك تتجدد، ففي البيتين أعلاه عبرت عن وحشة المكان بعد غياب الأم الرءوم عنه، وحقيقة الدموع لا تتوقف حينما يأتي ذكر الأم حتى لو كانت قد غادرت هذه الدنيا منذ سنوات، ففي وجودها على قيد الحياة كنا كثيراً ما نغفل حقوقها، وهي كتلة من الرحمة وأقرب إلى الله وإلى طريق الجنة، ورضاها من رضى الله، وذكرها في مواقع عدة كما الأحاديث النبوية، وعندما تفتقد الأم للأسف نبدأ النعي واستذكار ما كانت تقدمه من دور تربوي وتعليمي! أليست الأم مدرسة! فالسعيد من نال شيئاً من برها، أقول شيئاً لأن بر الوالدين لا يستطيعه أحد مهما بذل من معروف في حياتهما.

الموت حق وكلنا سائرون على هذا الدرب لا شك، وهذه سمة الحياة، فقد سبقنا أفضل الخلق ولكل إنسان ما قدم في الدنيا.

وفاة الأم قد تترك شيئاً في النفس لا يمكن أن ينسى بسهولة ولا يبقى بأيدينا إلا أن ندعو لها بالرحمة والمغفرة في كل صلاة وعند ذكرها أو تذكرها وحتى عند المرور بالمقبرة التي ترقد في بطنها كثيرون هم الذين سبقونا من الأحبة والأخلاء والأعزاء، لكن تبقى الأم هي الوحيدة في القلب والعقل وفي الدم حبها يسري، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تعوض الأم أو حتى تغيب عن الذاكرة فكيف بالنسيان. رحم الله الأحياء منهم والأموات. شكراً لشاعرنا العبيد الله على مشاعره ورثائه المؤثر.

محمد إبراهيم العبيد - الدمام

al-obaid-001@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد