لا يمكن أن تحب من لا يأتي منه غير أذى وضر يصيبك حتى وإن كان أقرب الناس إليك.. هكذا أتصور، فالطبيعي أن تحب وتقرب إليك من يمسك منه غير ذلك، حتى وإن كان بعيداً عنك.. فالحب مرتبط في ظني بمخرجات من تقدمه له، قد تحب إنساناً لكلماته الطيبة التي تريحك، وقد تحب آخر لمشاركة وجدانية يبديها لك، وقد تحب لأسباب عديدة أساسها أن تنتفع أنت بشكل أو بآخر بمن وهبته حبك. وعليه أؤكد أن الحب أساسه المنفعة ودونها يكذب من يدعي حبه.شخص لا ننتفع منه ومن وجوده، ولا يفيدنا بشيء لا يمكن أن نحبه، وأعني بهذا أننا لا نكرهه، ولكننا لا نحبه، حتى عندما تسمو أرواحنا وأفعالنا فنحب في الله، نحن في واقع الأمر نطلب منفعة أكبر مما يقدمها لنا من أحببناه في الله، ونرفع معيار منفعتنا لحدود لا نتخيلها، فنحن نرجو المنفعة ممن يملك خزائن السموات والأرض ومن بيده ملكوت كل شيء، ولولا هذا الرجاء والأمل في المنفعة والعاقبة من المولى عز وجل ما أحببنا أصلاً.
الإنسان في دنياه، يفعل ما يفعل جلباً لمنفعة يراها لنفسه هو فقط، فيدور فعله في حدود استجلاب خير له، أو درء شر عنه، ويتفاوت الناس في طموحاتهم، فمنهم من يحب لمنفعة مالية أو معنوية، ومنهم من يحب لإرضاء نفسه وسكينة مشاعره، ومنهم من يحب ويطلب الأجر والمنفعة من المولى سبحانه، لا يريدون من أحد جزءاً ولا شكوراً، لكنهم يخافون يوماً عبوساً قمطريرا، ويرجون من المولى أن يقيهم شر ذلك اليوم، ولهذا لا تستنكف أن توضح لمن تحب أسباب حبك له، والمنفعة التي تتحقق لك منه، فهذا في رأيي أقوم من الادعاء بأنك تحبه لمجرد أنك تحبه.. والله المستعان.