Al Jazirah NewsPaper Thursday  25/03/2010 G Issue 13692
الخميس 09 ربيع الثاني 1431   العدد  13692
 
هل الترميم للبيوت فقط؟
عبدالله بن إبراهيم بن حمد البريدي

 

المرأة كزوجة والبيت كسكن أرى بينهما علاقةً وترابطاً جميلاً وفريداً.فالرجل كما يحب أن يسكن أو يمتلك بيتاً واسعاً على أكثر من شارع ما أمكنه، فهو يحب أن تكون زوجته ذات أفق واسع، متفتحة على كل ما فيه سعادتها وسعادة زوجها وأسرتها بما أحل الله.

كذلك هناك من يرى بيتاً فتعجبه فيه أشياء كثيرة ولا يعجبه القليل منها، فيختاره سكناً له ويستأجره أو يشتريه، ثم يشرع في تعديل وتغييرما يراه جديراً بالتغيير.

وكذلك المرأة (الزوجة) فعندما يختارها الرجل فهو بالتأكيد سيجد فيها من الطباع ما يسره ويرغبه، وسيجد فيها ما لا يحبه ولا يرغبه، ولكن بما أن الخصال الحميدة والسجايا المرغوبة أكثر فهو يقترن بها ويترك مسألة تغيير ما يود تغييره من طباعها لما بعد الزواج، وهذا يكون بالحسنى وبالحنكة والأسلوب الحسن.

وقد يوجد من يبني بيتاً أو يشتريه، ويحوز على إعجاب الرجل في كل شيء، فالموقع رائع، والبناء متين والجيران كأنهم مُنتقون انتقاءً، والتصميم إبداع لا مثيل له.. و... و.. الخ. ولكن مع مرور الزمن ولعوامل شتى، فقد بدأت تظهر العيوب والنقائص، فالجدران قد أصبحت باهتة الألوان، والسيراميك الفخم (في وقته) قد أصبح قديماً، وبعض الجبسيات هنا وهناك قد تشققت أو سقطت وغير ذلك، مما يوجب القيام بعملية ترميم تعيد اللمعان والبريق لهذا المنزل.

فكذلك الزوجة، فالسبت والأحد، والليل والنهار والحمل والولادة، وهَمّ متابعة الأطفال، وتناول ما لذ وطاب من طعام وحلا في البيت أو في مناسبات مختلفة، مع قلة الحركة وانعدام ممارسة أي نشاط رياضي، كل ذلك يبدل الأحوال تبديلاً، فالوزن عند الزواج ليس هو الوزن بعد خمس سنوات أو عشر، والقوام ليس هو القوام، والتقاسيم والملامح بعد عشر سنوات زواج ليست كما هي بالتأكيد أيام الزواج الأولى، فما الحل؟

الجواب المنطقي أنه لا مانع من (ترميم) مهذب لكل ما سبق من آثار أحدثها تعاقب الليل والنهار ومطاردة السبت والأحد.

فالبويات (المكياجات) في متناول اليد وأمرها هيّن، وكذلك القيام بريجيم أو ريجيمات ما بين قاسية ومتوسطة، ولطيفة تُكسَر عند رؤية المعشوق من الطعام، وكذلك القيام بأنشطة رياضية بواسطة أجهزة تُجلب للبيت أو الاشتراك في برنامج لياقي في مكان ما مخصص للنساء وغير ذلك، قد تعيد ما فُقِد من بريق!

هذه من الناحية الحسية التي تحتاج لترميم، وهناك أمور معنوية لا تقل أهمية عن الحسية في وجوب ترميمها مع مرور الزمن، كالحُب وتبادل المشاعر مع الزوج، فحرارة المشاعر بالتأكيد معرضة للضعف أي البرود، ولابد من التدخل لإعادة الحرارة إليها، وهذا يكون بهدية قيمة في فترة، وبرحلة ممتعة من جهة أخرى أو في فترة أخرى، مما يعيد الحرارة لخط العلاقة الأسرية وبالتالي دوام الألفة والمحبة بين الزوجين الذي ينعكس على كل أفراد الأسرة بلا شك.

وحتى لا يظن الرجال أن كل ما سبق من تشبيهٍ ومقارنةٍ بين المرأة والبيت أوقفه على المرأة فقط، أود القول: ان الرجل حاله في كل ما سبق مثل حال المرأة تماماً إن لم يكن وضعه أكثر صعوبة ومأساوية في بعض الأمور!

إن الهدف من هذه المقارنة ليس الحط من مكانة المرأة أو الرجل بقدر ما هو تذكير بوجوب التجديد وبعث الأمل لطرفي معادلة الأسرة الرئيسين الزوج والزوجة بأن استمرار المحبة بينهما، والتجاوز والتغاضي عن الأخطاء، والمصارحة والمكاشفة بينهما كل ذلك مردوده حسن وفعال عليهما وعلى الأولاد، وبالتالي فالبيت آمن مطمئن بإذن الله تعالى، والله من وراء القصد.

روافد

1) قال الله تعالى: (هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ).

2) قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله).

3) يقول معروف الرصافي:

واللؤمُ أجمعُ أن تكون نساؤنا

مثل النعاج وأن نكون الأذؤبا




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد