Al Jazirah NewsPaper Saturday  27/03/2010 G Issue 13694
السبت 11 ربيع الثاني 1431   العدد  13694
 
المسلمون الملتزمون هم أنصار المرأة
د. عبد المحسن بن عبد الرحمن آل الشيخ

 

صارت قضية المرأة من القضايا التي تشغل حيزاً كبيراً في الكتابات المعاصرة، وصارت كل طائفة تزعم أنها تسعى لنصرة المرأة وتعطي الحلول لمشاكلها. اختلفت الحلول باختلاف المشارب والمبادئ.

ولكن لأنّ الغرب هو المسيطر على العالم عسكرياً واقتصادياً وإعلامياً، فقد كان الطرح الغربي هو السائد عالمياً. واستطاع الغرب أن يجعل مفهومه لنصرة المرأة مؤصلاً من خلال جمعيات ومؤتمرات ومواثيق ظاهرها دولية وحقيقتها غربية. لا يخفى على أحد أنّ بعض بنودها لا يتوافق مع ثقافات وأديان وعادات منتشرة في العالم. صار الغرب ينادي بهذه المبادئ ويتهم من لا يطبقها أنه يضطهد المرأة ويهضم حقوقها. نظرة أحادية لا تحترم خصوصيات الآخرين ولا مبادئهم (ما أريكم إلاّ ما أرى).

ونحن المسلمون لنا ديننا وثقافتنا التي أكرمنا الله بها. وهذا الدين شرع الحقوق للطبقات المختلفة: الرجل، المرأة، الفقير، العامل، الطفل، اليتيم وغيرهم، وهذه الحقوق تعتبر نصرة لهم ضد أي عدوان. والمسلمون الملتزمون هم أولى الناس عملاً بها، والله نصير المسلمين الملتزمين المعتصمين به {وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ}، وعلى ذلك فالمسلم الملتزم ينتصر لأصحاب الحقوق من كلّ ظلم، ويرد عنهم كل عدوان، انطلاقاً من اعتصامه بشرع ربه ونصرة الله له.

والمرأة تقع في أعلى سلّم النصرة عندنا، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إني أحرج حق الضعيفين اليتيم والمرأة). نعم تتعرّض المرأة نتيجة ضعفها مقارنة بالرجل للكثير من العدوان والظلم، فجاء الإسلام ناصراً لها ومعطياً لها حقوقها {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (خيركم خيركم لأهله) (استوصوا بالنساء خيراً).

ليس المقام هنا مقام تفصيل هذه الحقوق، ولكن النصوص السابقة تكفي لبيان مبدأ النصرة للمرأة. وهذه النصرة وتلك الحقوق ليست منة من أحد عليها، بل هي حق شرعي لها ينتزع بالضغط إذا لزم الأمر.

عاشت المرأة منصورة مكرمة طول التاريخ الإسلامي وربّت خير الأجيال وكانت حقوقها محفوظة يحفظها أنصارها المسلمون الملتزمون. أما ما يمارسه بعض المسلمين من ظلم على المرأة فليس من دين الله في شيء، بل هو جهل وعدوان لا يقرّه الشرع، بل يجب على السلطة المسلمة أن تتدخّل لوقفه. المسلمون الملتزمون هم أنصار المرأة انطلاقاً من دين كريم شرع الله فيه أحسن الأحكام {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ}. المسلمون الملتزمون هم أنصار المرأة ضد الجهل باسم الدين. المسلمون الملتزمون هم أنصار المرأة ضد أعدائها المتاجرين بجسدها. المسلمون الملتزمون هم أنصار المرأة ضد المنادين بتغريبها. المسلمون الملتزمون هم أنصار المرأة يحمونها من الرذيلة والسقوط في براثن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا. المسلمون الملتزمون هم الحصن الذي يريد للمرأة العزة الإسلامية ويدفع عنها المهانة الأخلاقية.

كلية الهندسة - جامعة الملك سعود


amshaikh@ksa.edu.sa

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد