يحتاج الناس للمشي، وبخاصة في المدن التي لا توجد فيها مزارع ولا نشاطات بدنية يمارسها المواطنون.. والمشي يتحقق في الحدائق والمزارع والاستراحات كما يتحقق في أرصفة تعد إعداداً صحيحاً كافياً.
وقد عمدت بعض البلديات وأمانات المدن إلى إعداد وتهيئة أرصفة بعض الشوارع لتكون مضماراً للمشاة، وحققت بعض المدن في ذلك نجاحاً ملحوظاً، ومنه ما رأيناه في (كورنيش) المدن الساحلية أو في الرياض أو غيرهما.. والمواطن يريد مكاناً للمشي لا تزعجه فيه سيارات ولا (دبّابات) ولا ملاعب أطفال.
كما أنه يريد مضمار المشي نظيفاً جميل الرائحة، لأن القذارة وسوء الرائحة لا توفر جواً صحياً للمشي كما أنها تنفّر الناس وتبعدهم عن ذلك المكان القذر لوجود الجراثيم والحشرات!!
ولكن الشرط الكبير المهم هو: أن يكون (المضمار) واسعاً سعة تكفي لأن يمشي فيها العدد الكبير من الرجال والنساء بحيث لا يؤذي بعضهم بعضاً ولا يحرج بعضهم بعضاً ولا يكون ذلك إلا في (مضمار) لا ينقص عرضه عن خمسة عشر متراً ليمكن للناس أن يمشون ويتلاقون بدون أن يؤذي بعضهم بعضاً.. وهذا ما أمكن تنفيذه في المدن الساحلية وفي الرياض وأماكن أخرى.
ولكن مدناً أخرى أرادت تنفيذ رصيف مشاة فأخطأت الطريق حينما وضعت رصيفاً عرضه متران أو ثلاثة قد تزيد قليلاً وسمّته (رصيف مشاة) أو (مضمار مشاة) لممارسة رياضة المشي.. ورأى المواطنون عجباً: إذ كيف يمشي الناس في ذلك المكان رجالاً ونساء ويتلاقون فيه؟!!
ثم إن ذلك الرصيف بجانب طريق سريع لا يفصله عنه شيء، فعوادم السيارات تكدّر على الناس الهواء وأصوات السيارات تؤذي الآذان والخطر من اقتراب السيارات يجعل الماشي يجعل يده على قلبه خوفاً أو قلقاً!! أي رصيف ذلك أو مضمار؟! ألم تجد تلك البلديات مكاناً أنسب؟ أوليس الأرحم بالمواطنين البحث عن بديل أفضل وهو موجود في كل مدينة أو قرية، ولو كان في ضواحيها أو أطرافها.. فالراغبون في المشي سيصلون إليه، ووضع مضمار المشي في المكان المناسب أصلح للدولة في الحفاظ على المال العام، وأصلح للمواطنين لتوفير الأمان والجو الصحي وكسب ثقة المواطنين في مسؤولي البلديات.
ولتقويم الأعمال والسعي للأفضل أشير إلى أن بعض البلديات تعمد إلى شوارع هامة في البد و(تنزع) من الشارع نصفه أو قريباً من النصف ليكون (مضمار مشاة) ويبقى من الشارع جزء يسير تزدحم فيه السيارات ويسبب لها حوادث مرورية ويسبب قلقاً للمواطنين الذين تقع بيوتهم على ذلك الطريق!!
فهل هذا إصلاح؟ وأي إصلاح هو والبلدية بهذا: تبني قصراً وتهدم مصراً !! وتكمّل العين بما يسبب لها العمى!!
والمنطق السليم يقول: وسِّعوا الطرق ولا نريد مضمار مشاة، فالسيارات تزيد، والتهور في القيادة حقيقة نعاني منها وسلامة الماشي مرتبطة بسلامة الراكب والخطر عليهما جميعاً قائم ومتلازم.
فإلى وزارة البلديات ووزيرها الكريم صاحب السمو الملكي الأمير منصور بن متعب بن عبدالعزيز -حفظه الله- أوجه هذا النداء بأن يتم إلزام البلديات بوضع ضوابط لما يسمى (مضمار مشاة)، وألا يكون بإنقاص سعة الشوارع وأن يكون واسعاً سعة كافية ولا يوجد فيه ما يزعج مما أشرنا إليه أعلاه.. فالشوارع حفظكم الله تزدحم بالسيارات فكيف ينقص منها.. وفق الله العاملين المخلصين وأعانهم على أداء الأمانة والمسؤولية ويسر لبلادنا أسباب الرقي والتقدم والأمان وهو ما يحرص عليه خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين -حفظهما الله- وجزاهما خير الجزاء.
الدلم
ص ب 190 الدلم 11992