Al Jazirah NewsPaper Saturday  27/03/2010 G Issue 13694
السبت 11 ربيع الثاني 1431   العدد  13694
 
الإشاعة آفة سيئة تتنافى مع الصدق
عبد الله بن حمد الحقيل

 

الإشاعة كسلوك وممارسة، ظاهرة تاريخية قديمة في السلوك البشري، والشائعة أكذوبة يروّجها مرضى نفسانيون فهي خبر مكذوب يجد رواجه لدى السذّج من الناس والجهال والأميين وذوي النفوس الحاقدة والمريضة يتناقلونها، ويتلقفها العامة من رجال ونساء ويضيفون إليها زيادات في الشكل والمضمون، والهدف من ذلك الإفساد وإثارة البلبلة بين الناس، وهي بالطبع ليس لها تأثير على ذوي العقول الراجحة والأخلاق العالية والنفوس الكريمة والفئات الواعية، فلديهم من الإيمان والثقة ما يجعلهم بمنأى عن تصديقها أو تأثرهم بها، وذلك من صفات وأخلاق المؤمنين اتباعاً للتوجيه النبوي (كفى بالمرء سوءاً أن يحدث بكل ما سمع)، وقوله: (آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب ...) وإن مواجهة الإشاعة بالحقائق الثابتة خير برهان على بطلانها ودحضها. وتتولّد الشائعة من اختلاق خبر لا أساس له من الصحة والمبالغة في خبر ينطوي على بعض عناصر الصحة، ولقد اهتمت الشريعة الإسلامية بحماية الناس وشنت حرباً على الشائعات.

إنّ الإشاعة تقوم على الوهم والافتراء والحقيقة ترتكز على الصدق والوضوح.. وإنّ المؤمن بربه والواثق من نفسه والمعتز بسلوكه وخلقه لا يأبه للإشاعة ولا يتأثر بها ويعتبرها في حكم الكذب، لأنها أقاويل وأخبار يتناقلها البعض بقصد الإرجاف.

إنّ البعض من الناس نراه يتأثر بالإشاعة ويصغي إليها وينقلها عن حسن نية ويصدق ما سمع دون أن يتأكد من صحة ذلك، وفي الحديث (حسب المرء كذباً أن يصدق بكل ما سمع) ولقد قيل: وما آفة الأخبار إلاّ رواتها.

إنّ الشائعة خلق سيئ وصفة مذمومة يهدف أصحابها إلى الفساد والشر والكذب، والواجب أن نكون أقوياء أمامها فلا نتأثر بها أو نصغي إليها، وعدم نقل أي قول أو حديث ما لم نكن متأكدين من صدق راوية أو صحة المتحدث به وتجنب القيل والقال، (فمن حسن إسلام المرء ترك ما لا يعنيه)، وأن نربي أبناءنا وشبابنا على الأسلوب التربوي الصحيح والتوجيه الإسلامي الرشيد والمثل القويمة والأخلاق السليمة والسلوك السديد.

وبعد.. فإنّ الإشاعة من الأمراض الاجتماعية وآفة مدمرة تتنافى مع الإخلاص والصدق، فهي تزرع الفتن والإفساد بين الناس، وتسبب الكراهية وتقطع الصلة وتحد من المحبة التعاون، وهي من أقوى العوامل التي تخل بالأمن المادي والمعنوي والفكري، وتوعّد الله أصحابه بالعذاب الأليم حيث قال: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) (سورة النور:19).

ولقد أوصى الله بالتثبت وعدم اتهام الناس إلا بالحق، كما قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) (سورة الحجرات6)، وقد حذّر الله من المشاركة في الأقوال الفاسدة، والرسول عليه الصلاة والسلام يوصي أصحابه بكف اللسان عن أذى الناس وعدم الغيبة وترويج الإشاعة ونشرها.

وهكذا فالإشاعة داء اجتماعي سيئ يقوِّض دعائم الطمأنينة، وهي في جميع الأشكال، والصور أسلوب ومظهر من مظاهر الخلق السيئ تتنافى مع المروءة والأمانة ومكارم الأخلاق وينبغي تجنبها والابتعاد عنها، وألا تكون خلقاً لأحد يحب الخير لأمته والحرص على سلامة مجتمعه وللمحافظة على كيانه وأمنه واستقراره وتربية النفوس على حب الخير ونشر الفضائل والمثل الكريمة، ونسأل الله الصدق في الأقوال والإخلاص في الأعمال.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد