Al Jazirah NewsPaper Tuesday  30/03/2010 G Issue 13697
الثلاثاء 14 ربيع الثاني 1431   العدد  13697
 
شيء من
جدة.. وجَمَلُ الفساد..!
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

 

يبدو أن مشاكل جدة مع الفساد ستنتهي إلى غير رجعة؛ هذا ما تقوله كل المؤشرات القادمة من هناك، وأرجو ألا يكون هذا تفكيراً رغبوياً. فقد نشرت (جريدة المدينة) خبراً يقول: (اتهمت هيئة الرقابة والتحقيق (6) موظفين من أمانة مدينة جدة بالفساد الإداري والاختلاس بمبالغ تراوحت بين 100 ألف و100 مليون ريال من الاعتمادات المخصصة لبرنامج مكافحة حمّى الضنك. وعلمت (المدينة) أن من بين المتهمين (4) موظفين بمختلف المراتب الإدارية، واثنان من المهندسين، جميعهم كانوا يعملون في الإدارة العامة لمكافحة الحشرات والوقاية الصحية. وأشارت المصادر أن المتهمين صادقوا على أقوالهم شرعاً).

يقول العامة في أمثالهم: (إذا طاح الجمل كثرت سكاكينه) ويبدو أن جمال الفساد في جدة -ولله الحمد والمنة- بدأت تتساقط وتخر على وجوهها واحداً خلف الآخر، وابتدأت السكاكين -وأنعم بها من سكاكين- تقطيعها إرباً إرباً؛ وهذا مما يبعث على التفاؤل ويبُشر جدّة وأهل جدة بغدٍ مشرقٍ، أكثر نقاءً من الأمس، الذي عاث فيه مثل هؤلاء فساداً، حتى وصل الفساد إلى درجة أن تبيع هذه المجموعة الخسيسة المنحطة مدينتهم إلى الأمراض والأوبئة، ويقبضون ثمن الصفقة مالاً حراماً يتغذون به، ويغذون به أسرهم ومن يعولون. وليس لديّ شك أن مثل هؤلاء -إن صحّت التهمة- هم (قتلة) مجرمون، لا تختلف جريمتهم عن جريمة أي قاتل سفاح قذر. أن توكل إليك مهمة مكافحة مرض، ثم تسرق المال، وتترك المرض يتفشى في المدينة، ويصاب به الناس، ويموت بعضهم، فأنت هنا لست -فقط- (لصاً) حقيراً إنما قاتل خطير، يجب أن تحاكم على أساس أنك أزهقت أرواحاً وسعيت في الأرض فساداً، وتسببت في كارثة بيئية وصحية؛ ولا أجد أن عقاب مرتكبي هذه الجريمة يجب أن يقل بأي حال من الأحوال عن عقاب المجرم القاتل، بل ويجب أن تغلظ العقوبة أشد درجات التغليظ، لأنها بالفعل تستحق أن تغلظ بكل المقاييس.. ولا يمكن أن يعيد احترام الأمانة إلى الناس سوى النظام، والحزم في التطبيق. متى ما دخل التساهل أو التراخي إلى أيّ نظام فإن النتيجة ستكون بالضرورة وخيمة؛ ومثل هؤلاء يجب ألا تأخذنا فيهم رحمة ولا شفقة.. فالذي يصل إلى هذا المستوى من الخسة والدناءة، ناهيك عن ضعف الأمانة والإيمان، يجب أن نطهر مجتمعنا منه؛ فهؤلاء بالمقاييس الموضوعية لا يقلون خطراً عن الحشرات التي كان من المفروض أن يقاوموها.

كانوا يقولون: إن أغلب الملاحقين في قضايا الرشوة والفساد المالي هم من الضعفاء؛ حيث أن النظام يطبق عليهم بصرامة؛ أما الكبار فيفلتون ليس فقط من العقاب، وإنما حتى من المساءلة؛ وأنا أطمئنكم بأننا في هذا العهد الميمون لا أحد فوق النظام (كائناً من يكون)؛ ولعل ملف كارثة جدة الذي هو الآن بين يدي خادم الحرمين -حفظه الله- ينتظر الإحالة إلى القضاء، سيثبت صحة ما أقول؛ (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ).

إلى اللقاء،،،،




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد